الاثنين، 30 مايو 2011

كتاب فيروس "الإله"

فيروس الإله (1)
كيف يؤثّر الدين على حياتنا وثقافتنا
بقلم داريل راي
ترجمة إبراهيم جركس

((رجال القواقع يحملون أصدافهم أينما حلّوا وذهبوا، إكسر قواقعهم وسيتساقطون باكين مصدر أمنهم الوحيد والمفقود))
[الفيلسوف الأسترالي جون باسمور]

للدين تأثيرات يومية عظيمة على مختلف نواح حياتنا وبطريقة لا يمكننا ملاحظتها أو إدراكها. فهو الذي يدفع عمّك نيد للصلاة من أجلك ساعات طويلة، وهو الذي يعطي جارتك المعمدانية سبباً لنبذ ولدها الوحيد فقط لأنه تزوّج من فتاة كاثوليكية. هو الذي يعطي أختك المتشدّدة سبباً لتصفع أولادها مخافة أن يكون مصيرهم الجحيم. الذين هو الذي يدفع القس أو الكاهن لإنكار دافعه الجنسي، وهو السبب في أنّ هناك الكثير من الناس الذين يدفعون أموالاً ومبالغ طائلة للجمعيات والمنظمات الدينية، وهو السبب الذي يمنعك من التحدّث مع ابنة عمّك جيني مخافة أن تقنعك بالانضمام لجماعة شهود يهوه. للذين أثار واضحة من جهة وغير ملحوظة من جهة أخرى عليك وعلى المجتمع في آن واحد.
هذا الكتاب يبحث في أثر الدين عليك وعلى العالم من حولك. إنه يفتح الستائر ويقدّم طرقاً وأساليب جديدة لفهم الظاهرة الدينية، ويساعد على اتخاذ قرارات رؤيوية بشأنها.
هل تسائلت من قبل ما الذي يمنح الدين قوته وسلطته تلك؟ ما الذي يجعل الناس يقرّون بإيمانهم العميق رغم أنهم قد لا يمارسون شعائر هذا الإيمان؟ ما الذي يجعل الناس يتعامون عن كافة النواحي والنقاط غير العقلانية والمتناقضة في دياناتهم بينما يرون بوضوح عيوب وتناقضات ديانات غيرهم؟ وكيف تجد هذه الأمور طريقنا إلى أنظمتنا السياسية؟ فإذا كانت هذه التساؤلات تعنيك بشيء وتهمّك، فهذا الكتاب سيساعدك على فهم سلطة الدين عليك، وعلى عائلتك وثقافتك.
منذ آلف السنين تمكّن الدين من اختراق مجتمعاتنا، وفرض سيطرته عليها من دون أي تحدٍ أو مسائلة. كان موجوداً بكلّ بساطة. أمّا هؤلاء الذين حاولوا مسائلة الدين أو تبيان تناقضاته تمّت محاكمتهم أغلب الأحيان، أحرقت كتبهم، وأعدموا في أغلب الحالات. من غاليليو حتى داروين، من سلمان رشدي حتى ثيو فان كوغ [1]، إذ كان محظوراً مسائلة أو انتقاد أو مجرّد محاولة توضيح ما كانت تقول عنه الكنيسة أو الكاهن أو الإمام بأنه غير قابل للتوضيح.
قبل اكتشاف الجراثيم والطفيليات الممرضة ووضع نظرية علمية تفسّر الأمراض، لم يكن المعالجون يملكون أدواتاً لفهم عملية حدوث المرض وانتقاله. كان القساوسة يخبرون الناس بأنّ المرض كان نتيجة الخطيئة والرذيلة، سببه الشيطان والأرواح الشريرة. ومع اختراع المجهر، أصبح العلماء يملكون أدوات جديدة لفهم المرض. بات بإمكانهم دراسة استراتيجيات العدوى، المناعة، علم الأوبئة، وأكثر من ذلك بكثير. فجأة تمّت إزالة الغطاء عن أسرار الأمراض القديمة، وأصبحت مفهومة ومدروسة. الطاعون الذي اجتاح أوروبا، الحمى الصفراء، الجدري، ذات الرئة، السل، الزهري...إلى ما هنالك من أمراض معدية أخرى، كلها باتت معروفة وتمّت إزالتها من تحت العباءة الدينية الإلهية ووضعت في مجال العلوم الأرضية الطبيعية.
العديد من الفلاسفة _من سبينوزا حتى فولتير، فيورباخ وماركس_ مهّدوا الطريق لفهم أفضل للدين ودوره في المجتمع، لكنّ الأمر بقي مبهماً حتى فكرة ريتشارد دوكينز عن "فيروس العقل Virus of the Mind" [2] حيث أصبح لدينا طريقاً معبّداً مسبقاً لفحص الظاهرة الدينية عن قرب كما نفحص فيروس الإنفلونزا عن قرب في علم الأوبئة. هذا الكتاب سيظهر كيفية بروز الأديان من كافة الأنواع في العالم الطبيعي، وكيف تجد عملها داخل عقولنا ومجتمعاتنا، وكيف أنها تشبه الجراثيم والطفيليات والفيروسات التي تغزو أجسادنا.
هذا الكتاب يدين بوجوده بشكل أساسي لكل من ريتشارد دوكينز ودانييل دينيت [3]، لكنّ هدفه هو السعي نحو الأمام أكثر ممّا مضى كل من هذين الفيلسوفين عن طريق أظهار كيف أنّ أفكارهما التطورية لها دور عظيم في حياتنا اليومية. فالنموذج الجديد الذي ابتكراه وروّجا له يفسّر سبب تطرّف العم نيد، والتصرّفات الجنسية لكبير أساقفة الكنسية الهابط، والممارسات التربوية القاسية التي تمارسها جارتك المتشددة على أطفالها. لماذا قام تسعة عشر رجلاً بخطف طائرات وإقحامها بمبنيي التجارة العالمية، أو لماذا تقوم النسوة بتفجير أنفسهنّ داخل سوق مكتظّ بالبشر الأبرياء في بغداد.
كأحد أفراد الثقافة الغربية، لابد أن تكون متأثراً بالتلقين الديني. بغضّ النظر عن نشأتك ومنبعك، فأنت تعيش ضمن محيط ديني وليس بيدك حيلة سوى شرب مياه هذا المحيط. هذا الكتاب سيساعدك على النظر إلى بعض المناطق التي قد أغفلتها خلال رحلتك. فالدوغما والعادات والشعائر والذنب والمعتقدات الدينية قد تؤثّر عليك بطرق قد لا تدركها.
خلال السنوات الأخيرة بدأت أتنبّه إلى الدور الذي يلعبه الذين بشكل متزايد في المجتمع. إذ يبدو أنّ الدين يقوم بحشر نفسه في المدارس، المحاكم، السلطات التشريعية، السياسات الرئاسية وألواح المدارس المحلية، صارفاً الانتباه والتركيز عن النقاشات العقلانية الجادة التي تبحث أمور ومشكلات العالم الطبيعي، كالثقافة العلمية، التطوير الاقتصادي، استراتيجيات الإغاثة في الكوارث والحروب [4]. خارج حدود الولايات المتحدة، العنف والقسوة التي تمارسها الجماعات المتطرّفة في مختلف أرجاء العالم باسم الدين تثبت لنا أهمية وضرورة دراسة الدين وفهم سلطته وخطورته. فهناك بعض الأشخاص المخيفين جداً ينشرون الكراهية والبغضاء. وكلماتهم التي يبشّرون بها تشبه إلى حدٍ كبير التعبيرات العرقية.
هنا أودّ أن أورد بعض الاقتباسات من بعض القادة المعروفين جيداً:
((أتمنى أن أعيش حتى اليوم الذي _كما في الأيام الأولى لدولتنا_ لن يكون هنا أيّة مدارس عامّة. إذ أنّ الكنائس ستستولي عليها، وستتمّ إدارتها على يد المسيحيين. سيكون يوماً سعيداً بالفعل!!))  [جيري فالويل] [5]
((لن يكون هناك أي سلام عالمي حتى يعطى بيت الرب وكافة أتباعه مكانهم القيادي الحقيقي في القمة))  [بات روبرتسون] [6]
((هدف المسيحيين السياسي بعيد المدى يجب أن يتمثّل في جمع أكبر قدر من السيطرة على الدستور. أمّا أولئك الذين يرفضون الخضوع علناً للأوامر والقيود الأزلية التي سنّها الرب عن طريق الخضوع لكنيسته التي تصون عهده _المعمودية والمناولة المقدّسة_  يجب حرمانهم من حق المواطنة، كما حدث بالضبط في إسرائيل القديمة))  [غاري نورث] [7]
((ما أريده فقط هو أن تجتاحكم موجة من التعصّب. أريد أن تجتاحكم موجة من البغضاء والكراهية. نعم، الكراهية أمر جيد... فهدفنا هو إقامة دولة مسيحية. نحن أمام واجب مقدّس، نحن أمام نداء الرب لفتح دولته المقدّسة على الأرض. نحن لا نريد زمن مساواة. لا نريد تعدّدية))  [راندل تيري] [8]
((نحن _بعون الله_ ندعو كل مسلم مؤمن وغيور على دينه أن ينصاع لشريعة الله التي تأمر بقتل الأمريكان وسبي نسائهم وأموالهم. كما أننا ندعو علماء المسلمين، وقاداتهم، وشبابهم، وجنودهم لشنّ الحملات والغارات على جنود أبليس من الأمريكيين وأعوانهم الشيطانيين، حتى يتعلّم الذين سيأتون من بعدهم الدرس)) [بيان أسامة بن لادن] [9]
كل واحد من الاقتباسات السابقة تحمل علامات وإشارات الكراهية، البغضاء، التعالي والاقتصار. لذا فالهدف الأساسي من هذا الكتاب هو توضيح قوة الدين وسلطته وقدرته الرهيبة على قيادة هذا النوع من طرق التفكير والتصرّف.
قال الفيلسوف الأسترالي جون باسمور إحدى المرات أنّ رجال القواقع يحملون أصدافهم أينما حلّوا وذهبوا، إكسر قواقعهم وسيتساقطون باكين مصدر أمنهم الوحيد والمفقود، وهذا الكتاب هو المحاولة لكسر وتحطيم تلك القواقع الخفية، وكشف الطريقة التي يتدخل فيها الدين بعنجهية في ثقافتنا وعقولنا ، ثمّ يعلّمنا كيف نحيا بدون تلك القيود أو القواقع.

تنبيه للاصطلاح
لقد استخدمت تعبير "اللاديني non-theist" لأشير إليك، أي القارئ. أودّ أن أشمل في تعبيري هذا كافة الفئات: الشكوكيون، المؤمنون، الملحدون، المفكرون الأحرار، الروحانيون، إلى آخر ما هنالك. قد تكون أنت أسقفياً، أو موحّداً، متشككاً، أو غير مؤمن، أو شخصاً روحانياً على الأقل. قد تكون متشدداً، متطرفاً، مؤمناً بالخرافات، أو عضو في طائفة دينية ما. ما تعتبر نفسك لا يهم هنا في شيء. إذا أني سأكتشف معك قوة الدين وسلطته على حياتنا وأقدّم لك نموذجاً جديداً بالكامل لفهم الدين وأثره على سلوكنا وعالمنا.
أخيراً، سأركّز على أسماء أرباب محدّدة مثل: الله، يهوه، زيوس، يسوع. فكلمة "رب" لن تعني شيئاً غير الأسماء السابقة إذا لم ترد في سياق اقتباس معيّن.

بنية الكتاب
ابتداءً بالصورة الكبيرة، سننتقل بعدها إلى الأمور الاجتماعية، السيكولوجية وأخيراً الشخصية. ففي الفصلين الأول والثاني سأفرد التشابهات والتماثلات التي تجمع بين الدين والعالم البيولوجي. في الفصول الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع سأستكشف الجوانب الاجتماعية والسياسية والسيكولوجية للدين، ومن ضمنها مواضيع معيّنة كتقنيات التنويم المغناطيسي التي يمارسها المبشرون على الناس، العامل أو الدور الجنسي، عامل الشعور بالذنب، الأخلاقيات الدينية، الشخصية، والذكاء. في الفصول الثامن والتاسع والعاشر سأتفحّص الأثر الديني على حياتك وعائلتك.
بإمكانك إيجاد أدوات وطرق جديدة لفهم تاريخك الديني أو تربيتك ونشأتك الدينية. أخيراً، الفصلين الحادي والثاني عشر كرّستهما للعلم ومستقبل الدين.
.........................................
الهوامش
[1] تمّ وضع غاليليو تحت الإقامة الجبرية في منزله لبقية سنين حياته، وتمّ قمع أفكار داروين منذ أن تمّ نشرها عام 1859 وما زالت من قبل العديد من الديانات، سلمان رشدي صدرت فتوى بهدر دمه منذ أن كتب روايته (آيات شيطانية) [Macmillan, 2000]، أما ثيو فان كوغ فقد تمّ قتله لأنه أنتج فيلماً قصيراً ينتقد فيه الإسلام.
[2] ريتشارد دوكينز: فيروسات العقل:
Richard Dawkins, Viruses of the Mind (Essay on line) (1991,accessed 20 Nov 2008)
موجودة على الرابط التالي:
http://search.4shared.com/q/1/viruses%20of%20the%20mind
[3] ريتشارد دوكينز: الجين الأناني The Selfish Gene، ريتشارد دوكينز: وهم الإله The God Delusion، ودانييل دينيت: كسر التعويذة: الدين كظاهرة طبيعية Breaking The Spell: Religion as a Natural Phenomenon.
[4] هذه البنود الهامة تمّ استبدالها في المدارس بنسخ دينية تدرّس البدائل عن نظرية التطور، نظرية الخلق والتصميم الذكي، معارضة دراسات الخلايا الجذعية، القادة الدينيين يعلنون أنّ الأعاصير التي ضربت بعض المدن سببها غضب إلهي على تلك المدن كمدينتي أورلاندو أو نيو أورلينز، أمّا جورج بوش من جهته فهو يسمي الحرب على العراق بالصليبية.
[5] الأب جيري فالويل: يمكن إنقاذ أمريكا
America Can be Saved, Rev Jerry Falwell, Sword of the Lord Publishers, 1979_52-53
[6] بات روبرتسون: النطام العالمي الجديد
Pat Robertson: The new world Order, New Ed ed (Thomas Nelson, March 1992)
[7] غاري نورث: الشرك السياسي: أسطورة التعددية السياسية
Gary North: Political Polytheism: The Myth of Pluralism (Institute of Christian Economics, 1989).
كان غاري نورث قد تنبأ بالحرب التي ستدور بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عام1985. إنه يؤمن بالقوانين المسيحية المطلقة والنهائية, كما أنه عضو في الكنيسة المشيخية في أمريكا.
[8] ورد في صحيفة The New Sentinel (Fort Wayn,IN) 16 Aug 1993 وتيري راندال مؤسّس جمعية "عملية الإنقاذ Operation Rescue". تيري الكاثوليكي، فنعد عدّة مشاجرات عنيفة، تطلّق تيري عام 2000 وهو الآن متزوج مرّةً أخرى وله ثلاثة أطفال. قائمة الذنوب الطويلة التي ارتكبها تيري بحق دينه هائلة، إلا أنها ليست الوحيدة، من بين أولئك المنمقين المنافقين الذين يرتدون عباءة الدين ويرتكبون مختلف أشكال الذنوب.
[9] المسلم الأمريكي: فتوى بن لادن، دعوة للحرب
The Americam Muslim, Bin Laden's Fatwa: A Call  to Harabah.

السبت، 30 أبريل 2011

التكريم في الحياة

يقول الشاعر اليمني أحمد عبد الحمن المعلمي (وهو أديب ودبلوماسي يمني)
إمـنحـونــي شـيـئـاً مــن الـتـقـديــــــــــرِ ....... في حياتي، وليس بعد مصيــري
ومن السخط، السخف أن تحطّوا زهوراً..........فوق قبري، الآن هاتوا زهوري
كــيـــف أشمّـهـــا؟ وكــيـــف أراهـــــا؟..........وأنا فـي التراب تحـت الصخورِ
فـإذا مــتّ، فــاتــركـــوني وشـــأنــــــي..........فـلقـد صــرت ضيـف ربٍ غفورِ
إنّ أقصـــى مـــا يـــرى اليــــوم منـكــم......... أن تكفّــوا عــن مكركم والشـرورِ


الشاعر أحمد عبد الرحمن المعلمي
هذا ما كان يتنمّاه هذا الكاتب اليمني الكبير، ولكن هنا في بلاد العربان يضيع كل صوت يصدح في الخواء لإيقاظنا، وتنطفئ كل شعلة نورٍ تنير لنا درب العقل لتخرجنا من غياهب الظلام الدامس إلى رحاب النور.
ألا أذكركم يا إخوتي وأخواتي بكل النوابغ الذين نسيناهم ولم نوفهم حقوقهم فطواهم الدهر لحين من الزمن حتى يأتي العصر الذي سيكتشفهم ويكتشف كم أنهم كانوا نادرين وعظماء، فلم يحتملهم زمنهم حتى نبذهم. نعم، نبذهم لأنهم كانوا كالحمل الثقيل على هذا الزمن، ولأنّ زمانهم لم يأتِ بعد، وأفكارهم تتناسب لعصر يتقدّمنا بكثير.
ذهبوا هؤلاء وبقينا نحن من دون أن نذكرهم أو نودّهم كما يستحقون. أكاد أسمع أصواتهم يعاتبوننا على هجرهم ونسيانهم، وينبّهوننا بأن نحافظ على الجواهر التي بين أيدينا الآن، وألا نبخسها حقها.
أخشى أننا ظلمناهم ولم نعرف قيمتهم، جلدناهم، نكّلنا بهم، وعقرنا ناقتهم، فأضعناهم وخسرناهم، وحقّت علينا لعنتهم إلى أبد الآبدين، أمّا هم ففي طريقهم إلى حقبة جديدة تستوعبهم وتفهم قيمة أفكارهم.
يقال بأنّ القدماء لم يتركوا شيئاً إلا وقالوا عنه مثلاً، وكان هذا المثل مصيباً في مكانه:
((لن نعرف قيمة الشخص إلا بعد فقدانه))


المفكّر الجزائري الكبير "محمد أركون"

الكاتب والمسرحي "محمد الماغوط"

المفكر والكاتب الكبير "نصر حامد أبو زيد"

الأربعاء، 27 أبريل 2011

ألم

ليست الذبحة القلبية هي التي تؤلمني
أيها الرفيق الطيّب
ولا آلام السجن
وإنما يؤلمني أنّ العمر يمضي
ولا أملك شيئاً أقدّمه لوطني
وللفقراء أهلي
غير ورقٍ أصفر
وتفاحة بلون الدم

27/4/2011

ألا ليتكم تعتبرون!!!

إذا شـئت أن تـحيا سـليماً مـن          الأذى، وحظّك موفورٌ وعَرضك صيّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امرءٍ          فـكلّــك عــــوراتٌ ولـلنـاس ألـــســـنُ
وعـينك إن أبدت إليـك معائباً          فصـنها وقـل: يـا عـين لـلنـاس أعـينُ

سِر إن استطعت في الهواء رويداً       لا اخـتيالاً على رفاة الــعبادِ
خفّف الوطء ما أظنّ أديم الأرض        الأرض إلا من هذه الأجسادِ

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

قصّة جين الحرية

بقلم: أميل إيماني
ترجمة إبراهيم جركس



الرب ((الآن أنا على وشك الانتهاء من عملية صنعك، لكن بقي هناك جين واحد فقط وينتهي الأمر))
الإنسان ((آه، يا إلهي، أنا متحمّسٌ جداً للمضيّ في طريقي))
الرب ((والآن، دعني أقل لك شيئا هاماً، وأريدك أن تستمع جيداً لما سأقوله لك، بما أني أحبك من كل قلبي، فسأمنحك هدية غالية جداً، سأمنحك "الحرية في الاختيار"، لكي تختار هذا المكوّن الأخير... هل تريد جيناً يحدّد خياراتك من تلقاء نفسه ويرشدك خلال حياتك، وأعني جيناً ارتكاسياً، غريزياً. أو تريد جيناً يمكّنك من القيام بخياراتك بنفسك_يعني جين الحرية؟))
الإنسان ((إلهي... بما أنك مطلق اللطف والسماحة، فقد منحتني الحرية لأختار بملء إرادتي في هذه المسألة الحيوية، فهل يمكنني الحصول على جين يمنحني السيطرة المطلقة على إدارة وتسيير شؤوني الخاصة؟ إذا كان ذلك غير ممكن، فسأكتفي بجين الحرية))
الرب ((أرى بأنك قد بدأت بالتخطيط مسبقاً. لا، ى يمكنك الحصول على أي شيء مطلق. فكافة الأمور المطلقة هي من اختصاصي انا وحدي. فجميع مخلوقاتي _ومن ضمنهم أنت_ من الأمور النسبية بالنسبة إليّ))
الإنسان ((بالتأكيد... إلهي... أنا أدرك جيداً أنّ كل ما يتعلّق بك مطلق، لا نهائي، ومثالي. لكن لا ضير في السؤال، أليس كذلك؟))
الرب ((هاه، حقاً لإنك متملّق صفيق. أرى بأني ارتكبت أول خطأ لي بخلقي إياك.)) قالها الرب وهو يهزّ إصبعه في وجه الإنسان الأول.
الإنسان ((سامحني، إلهي. أنا لم يكن قصدي بهذا الشكل الذي فهمته أنت)) يقول الإنسان مستغفراً.
الرب ((أنا أرى أيضاً بأنك تستخدم ملكة الخداع عليّ. لن تنجح يا صاحبي. وتذكّر بأني أرى كل شيء وأعرف كل ما يدور داخل رأسك، وكل ما يجول في خاطرك. فلا تحاول خداعي. أبداً))
الإنسان ((نعم، إلهي. لسبب ما اعتقدت بأنك طالما منحتني إياها، فبإمكاني استخدامها. وإلا، فلماذا أعطيتنيها؟ صحيح؟ لكن، أعتقد أنك على حق. فأنت محقٌ دائماً بلا استثناء. لذلك يجب أن أكون معك مستقيماً وصادقاً.)) يتواضع الإنسان الأول
الرب ((أرى بأن تستخدم إحدى حيلك الأخرى عليّ... أنت تتملّقني!!!)) يقول الرب بصوت ممازح
الإنسان ((لكن ربي، لماذا عليّ أن أصلّي لك وأشكرك على كل شيء؟ فأنت لا أستطيع أن أميّز الفرق بين الصلاة والتملّق، وما الفرق بينهما؟))
الرب ((عرفت منذ البداية بأني سأواجه بعض الإشكالات الأبدية معك، وقد بدأت منذ هذه اللحظة. لكن هذا هو السبب الرئيسي الذي دفعني لخلقك بأية حال. فليس هناك متعة في تسيير كل شيء حسب برنامج ثابت ومقرّر مسبقاً. فأنا بحاجة لبعض الإثارة، قليلاً من الإبداع، وحتى قليلاً من التحدّي في حياتي))
الإنسان ((إلهي، بالنسبة لموضوعنا الأساسي، من المثير أن أكون قادراً على القيام بأغلب خياراتي بحرية. فإذا كان القليل من الإثارة والإبداع والتحدي أمور جيدة بالنسبة لك، فهي بالتأكيد أمر جيد بالنسبة لي. لا أعرف كيف أشكرك على عرضك السخيّ هذا))
الرب ((حسناً، أي شيء جيد بالنسبة لي قد يكون جيداً بالنسبة لك، لكنه ليس مخصّصاً لك. لا تنسى ذلك أبداً. فأنا رب، وحدي من دون غيري. وأنا أصنعك على هيئتي وصورتي. لكني لم أصنع نسخة عني، مثلي. هناك فرق شاسع بين الاثنين. هل تفهم؟)) قال الرب محذّراً
الإنسان ((أفهم جيداً، إلهي. أشكرك...))
الرب ((جين الحرية من أغلى الممتلكات وأثمنها، وسيحاول الكثيرون سلبك إياه بالترغيب أو بالترهيب ليزدادوا هم قوةً وجبروتاً، في حين أنهم سيعملون على تحويلك إلى مجرّد إنسان آلي يسيّرونك حسب مشيئتهم. عليك أخذ الحيطة والاحتراس والحذر منهم، وحماية هذه الهدية الغالية بكلّ ما أوتيت من قوة، حتى ولو كلّفك الأمر حياتك... يا بني كن حذراً من ثلاثة أصناف من البشر: الدّجّالين، الديماغوجيين، والساسة. كما أنه سيظهر من حينٍ لآخر شخص ستجتمع فيه هذه الصفات الثلاثة السابقة))
الإنسان ((إلهي، نعم النصيحة هذه، وأنا ممتنٌ لك لتحذيرك إياي من هؤلاء. لكن أرجو منك إخباري كيف أعرف الادّعاءات الزائفة وأميّز بينها وبين الصحيحة؟))
الرب ((من ثمارهم يتعرفهم)) قال الرب مجيباً
الإنسان ((إلهي!! أنت تعلم بأني ذكي، لكني لست بهذه الدرجة من الذكاء لأفهم معنى هذا التعبير المجازي. أرجو منك أن تأخذني بعطفك وحنانك، وتشرح لي بتفصيل أدق))
الرب ((إذا شرحتُ لك هذا الأمر وفصّلته، فسيكون ذلك خرق واضح وصريح لامتيازات جين الحرية. جلّ ما يمكنني القيام به من أجلك هو إعطاؤك بعض العلامات التي تميّز هؤلاء: أي شخص يدّعي لنفسه امتيزات خاصّة ويزعم بأنّ له مكانة خاصّة عندي، يطلق وعوداً وتهديدات غريبة، يؤلّب الإنسان ضدّ أخيه الإنسان، ويحرّض على سفك الدماء بين البشر، ذلك هو الشخص الذي قصدته. لكنّ الحاقد الأكثر خطورةً بين هؤلاء هو ذاك الذي يزعم بأنه مرسلٌ من عندي))
الإنسان ((إلهي، أشكرك جزيل الشكر، لقد ساعدتني فعلاً))
الرب ((هناك أمر آخر عليك أن تتذكّره جيداً، وهو أنّ الميثاق الذي عقدته معي لا يُلزِمك أنت وحدك، بل أيضاً سلالتك التي سترث الأرض من بعدك. عليّ أن أنبّهك قبل أن تقوم باختيارك الأخير بأنّ الميثاق الذي عقدته معي للتوّ سيكون اسمه "العَهد"، والعهود التي يتم عقدها معي لا يمكن إلغاؤها أو نسيانها))
الإنسان ((أشكرك إلهي، لقد غمرتني بلطفك وإحسانك، ولا أعرف كيف أردّ لك هذا الجميل. من الواضح بأني عاجزٌ تماماً بما أنك مطلق اللطف والإحسان. لكني سأعبدك وأجلّك، وسأصلّي لك صباح مساء، إذا كان ذلك يسعدك إلهي))
الرب ((لا بأس بالصلاة. لكني أعرفك جيداً وأعرف ما يدور في خلدك دائماً، أنا أعرف بأنك ستلجأ للصلاة لتتملّقني وتطلب مني لكي أحقق لك حاجات ومطالب لا تخطر على بال. لكن لا تتوقع شيئاً مني. فما أن تقدم على خيارك وتصبح وحيداً، عليك أن تتعلّم كيف تعتمد على نفسك. لا تنسى ذلك أبدا.))
الإنسان ((نعم إلهي، أنا وجيع أحفادي من بعدي سنكون ممتنين عطفك وكرمك إلى الأبد، ولأنك سمحت لنا بأن نكون أسياد أنفسنا، وصنّاعاً أحرار لمصيرنا الخاص. بدل أن نكون مثل بعض أقربائنا مكتسي الشعر الذين ما زالوا يمشون على أربعة قوائم ويتسلّقون الأشجار))
لم تكن التفاحة المحرّمة هي التي أنزلت الإنسان من السماء إلى الأرض، بل كان قراره الأخرق لاختيار هذا الجين الذي يمنحه قوة لا مثيل لها للقيام بالخيارات الحرة، لكنه نسي أن يطلب من الرب أن يعطيه جين الحكمة ليرشده عندما يكون أمام عدّة خيارات. ومن هنا، فالعديد من الخيارات المبنية على الحقد والجشع والغباء التي تمّ اتخاذها على مرّ التاريخ  جلبت كافة أنواع المآسي والآلام للإنسان. لذلك تزايدت النداءات والصلوات إلى الرب ليرفع عنهم هذا البلاء الذي ابتلوا به منذ عهد جدهم الأول.
لكن هل من مجيب؟؟!!!!!!

جلاوزة الفتنة في سوريا....

لن تصبح سوريا أمارة إسلامية يا أولاد الــ....
بعد أن صدر البيان الأول من بيانات الجماعة السلفية الجهادية، مرقماً بالعدد /1/، فهل علينا أن نتوقع بأن يكون هناك عدّة بيانات، هذه المرة كان البيان يحمل أسماء بعض الأسر في منطقة جبلة والتي "أحلّت" الجماعة قتل أفرادها "شرعاً كما ورد في نصّ البيان.

في هذا البيان بالذات وردت فتوة بقتل عدد من الناس الأبرياء وأسرهم وأطفالهم، وهذه هي الفتوى الأولى....
ما تخبئ لنا البيانات التالية؟؟؟ أسماء أناس آخرين في محافظات أخرى، أجندات وفتاوى أخرى تحلّل التخريب وتستبيح دماء البشر؟؟؟ مانيفيستو جهادي جديد؟؟؟ معالم الأمارة الإسلامية التي يحلمون بها؟؟؟؟
تطبيق الشريعة الإسلامية والحدود في سوريا من رجم الزناة وقطع أيدي السارقين مراقبة ضمائر الناس... فرض الحجاب أو النقاب على النساء، إجبار الشباب على إطلاق اللحى... إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات وفتح دور تعليم القرآن ومعاهد الفقه والشريعة!!! هل يبغون من ذلك إلغاء العيادات والمشافي العامّة طرق الطب الحديثة في العلاج، وتبنّي الطرق السلفية القديمة كالعلاج ببول الإبل والحبة الوداء والرقيات الشرعية!!
أحد المعلّقين وصفهم بالجماعة السلفية الجاهلية، وأقول له هنا أنّ وصفهم بالجاهلية كبير عليهم جداً، فتسمية الجاهلية أطلقت على المرحلة التي سبقت ظهور الإسلام. وأنا شخصياً أرفض هذه التسمية من جذورها، لأنّ تلك الفترة كانت تمتاز ببروز العديد من الشعراء والدهاة والمتنبئين، وكانت فترة الشيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة والنبيلة. لذلك اسمحوا لي أن أسقط عنهم تسمية السلفية "الجاهلية" وأقول "التخلّفية، التحنّطية، البربرية".

سدنة الهيكل في سباق محموم...
من المثير للانتباه واللافت للاهتمام مشاهدة سدنة هياكل الوهم وهم يتسابقون كالكلاب المسعورة للنيل من سوريا وأمنها، وأركّز هنا على كلمة "أمنها" بصفة سوريا من البلدان الأكثر أمناً وأماناً في العالم.

يوسف القرضاوي الذي يتفاخر بصورته بين عدد من الحاخامات اليهود [الصهاينة] يقف معتزّاً بنفسه وهو يبايع على القضية الفلسطينية، ويتباكى من على منبره يوم الجمعة على "الشهداء" الذين يسقطون في سوريا  متناسياً الشهداء في البحرين الجوامع التي تمّ هدمها للشيعة، واليمن وليبيا ومصر، والشهداء الذين يتساقطون بشكل يومي في العراق وفلسطين.

جلاوزة الفتنة في سوريا

تبّت أيديكم على ما فعلتم....
لا ننسى أبدا موقف الجمعية العالمية لعلماء المسلمين [والأفضل تسميتها بجمعية العملاء المعاقين] وموقفها وبياناتها وإداناتها "للممارسات القمعية التي تجري في سوريا" متناسين دور القرضاوي والإخوان المسلمين، والدور الأمريكي والإسرائيلي _بعد اعتراف الأخيرين بتمويلهما للثورات في البلاد العربية والعاملين بالإنترنت_ ودور شيوخ الفتنة في بلدنا أمثال أنس عيروط وعبد السلام الخليلي.
هذا المجرم هو أنس عيروط البانياسي الذي أباح قتل أفراد الجيش وعناصر الأمن من دون أن يرفّ له جفن، دماء هؤلاء الذين سقطوا في سوريا هم في رقبتك، ودماؤهم لن تجفّ عن يديك بعد... ستدفع الثمن... وستتحمل أنت نسؤولية الجريمة التي ارتكبت بحق المواطن "نضال جنّود"... تلك الجريمة التي قسمت ظهورنا كلنا نحن السوريون.

هؤلاء هم المتظاهرون السلميون الذين يريدون الحرية، ونادوا باسمها في المظاهرات
(( سلمية... سلمية..... حرية... حرية...))

أراهن بأنهم كانوا ينادون ويصرخون ((الله أكبر، الله أكبر... لا إله إلا الله)) عندما قاموا بذبحه، هذا ما يحدث عندما تتحول سوريا إلى أمارة إسلامية.
نعم سقطت المظاهرات السلمية وتحوّلت إلى شعارات طائفية تحرّض على الفتنة
((العلوي للتابوت... والمسيحي لبيروت)) نعم قالوها، وبالفم الملآن....
وخير دليل على ذلك الفتوى التي تقيأها شيخ درعا "عبد السلام الخليلي" من على منبره حلّل فيها دماء الجيش والأمن، وتكلّم بالسوء عن أحفاد سلطان باشا الأطرش، المجتمع الذي يمثل أرقى شرائح المجتمع السوري.

يريدون أمارة إسلامية في سوريا كي يستبيحوا فيها دماء الشعب، ويعودوا بالمجتمع السوري عدّة قرون إلى الوراء بعد ما حققه من تطور وتحضّر وإنجازات حتى الوقت الحالي. لم.... ولن ينجحوا... لأننا نحن السوريون لن نسمح بذلك.
وسنقف في وجه مخططهم هذا حتى الموت.
//سوري//