الاثنين، 30 مايو 2011

كتاب فيروس "الإله"

فيروس الإله (1)
كيف يؤثّر الدين على حياتنا وثقافتنا
بقلم داريل راي
ترجمة إبراهيم جركس

((رجال القواقع يحملون أصدافهم أينما حلّوا وذهبوا، إكسر قواقعهم وسيتساقطون باكين مصدر أمنهم الوحيد والمفقود))
[الفيلسوف الأسترالي جون باسمور]

للدين تأثيرات يومية عظيمة على مختلف نواح حياتنا وبطريقة لا يمكننا ملاحظتها أو إدراكها. فهو الذي يدفع عمّك نيد للصلاة من أجلك ساعات طويلة، وهو الذي يعطي جارتك المعمدانية سبباً لنبذ ولدها الوحيد فقط لأنه تزوّج من فتاة كاثوليكية. هو الذي يعطي أختك المتشدّدة سبباً لتصفع أولادها مخافة أن يكون مصيرهم الجحيم. الذين هو الذي يدفع القس أو الكاهن لإنكار دافعه الجنسي، وهو السبب في أنّ هناك الكثير من الناس الذين يدفعون أموالاً ومبالغ طائلة للجمعيات والمنظمات الدينية، وهو السبب الذي يمنعك من التحدّث مع ابنة عمّك جيني مخافة أن تقنعك بالانضمام لجماعة شهود يهوه. للذين أثار واضحة من جهة وغير ملحوظة من جهة أخرى عليك وعلى المجتمع في آن واحد.
هذا الكتاب يبحث في أثر الدين عليك وعلى العالم من حولك. إنه يفتح الستائر ويقدّم طرقاً وأساليب جديدة لفهم الظاهرة الدينية، ويساعد على اتخاذ قرارات رؤيوية بشأنها.
هل تسائلت من قبل ما الذي يمنح الدين قوته وسلطته تلك؟ ما الذي يجعل الناس يقرّون بإيمانهم العميق رغم أنهم قد لا يمارسون شعائر هذا الإيمان؟ ما الذي يجعل الناس يتعامون عن كافة النواحي والنقاط غير العقلانية والمتناقضة في دياناتهم بينما يرون بوضوح عيوب وتناقضات ديانات غيرهم؟ وكيف تجد هذه الأمور طريقنا إلى أنظمتنا السياسية؟ فإذا كانت هذه التساؤلات تعنيك بشيء وتهمّك، فهذا الكتاب سيساعدك على فهم سلطة الدين عليك، وعلى عائلتك وثقافتك.
منذ آلف السنين تمكّن الدين من اختراق مجتمعاتنا، وفرض سيطرته عليها من دون أي تحدٍ أو مسائلة. كان موجوداً بكلّ بساطة. أمّا هؤلاء الذين حاولوا مسائلة الدين أو تبيان تناقضاته تمّت محاكمتهم أغلب الأحيان، أحرقت كتبهم، وأعدموا في أغلب الحالات. من غاليليو حتى داروين، من سلمان رشدي حتى ثيو فان كوغ [1]، إذ كان محظوراً مسائلة أو انتقاد أو مجرّد محاولة توضيح ما كانت تقول عنه الكنيسة أو الكاهن أو الإمام بأنه غير قابل للتوضيح.
قبل اكتشاف الجراثيم والطفيليات الممرضة ووضع نظرية علمية تفسّر الأمراض، لم يكن المعالجون يملكون أدواتاً لفهم عملية حدوث المرض وانتقاله. كان القساوسة يخبرون الناس بأنّ المرض كان نتيجة الخطيئة والرذيلة، سببه الشيطان والأرواح الشريرة. ومع اختراع المجهر، أصبح العلماء يملكون أدوات جديدة لفهم المرض. بات بإمكانهم دراسة استراتيجيات العدوى، المناعة، علم الأوبئة، وأكثر من ذلك بكثير. فجأة تمّت إزالة الغطاء عن أسرار الأمراض القديمة، وأصبحت مفهومة ومدروسة. الطاعون الذي اجتاح أوروبا، الحمى الصفراء، الجدري، ذات الرئة، السل، الزهري...إلى ما هنالك من أمراض معدية أخرى، كلها باتت معروفة وتمّت إزالتها من تحت العباءة الدينية الإلهية ووضعت في مجال العلوم الأرضية الطبيعية.
العديد من الفلاسفة _من سبينوزا حتى فولتير، فيورباخ وماركس_ مهّدوا الطريق لفهم أفضل للدين ودوره في المجتمع، لكنّ الأمر بقي مبهماً حتى فكرة ريتشارد دوكينز عن "فيروس العقل Virus of the Mind" [2] حيث أصبح لدينا طريقاً معبّداً مسبقاً لفحص الظاهرة الدينية عن قرب كما نفحص فيروس الإنفلونزا عن قرب في علم الأوبئة. هذا الكتاب سيظهر كيفية بروز الأديان من كافة الأنواع في العالم الطبيعي، وكيف تجد عملها داخل عقولنا ومجتمعاتنا، وكيف أنها تشبه الجراثيم والطفيليات والفيروسات التي تغزو أجسادنا.
هذا الكتاب يدين بوجوده بشكل أساسي لكل من ريتشارد دوكينز ودانييل دينيت [3]، لكنّ هدفه هو السعي نحو الأمام أكثر ممّا مضى كل من هذين الفيلسوفين عن طريق أظهار كيف أنّ أفكارهما التطورية لها دور عظيم في حياتنا اليومية. فالنموذج الجديد الذي ابتكراه وروّجا له يفسّر سبب تطرّف العم نيد، والتصرّفات الجنسية لكبير أساقفة الكنسية الهابط، والممارسات التربوية القاسية التي تمارسها جارتك المتشددة على أطفالها. لماذا قام تسعة عشر رجلاً بخطف طائرات وإقحامها بمبنيي التجارة العالمية، أو لماذا تقوم النسوة بتفجير أنفسهنّ داخل سوق مكتظّ بالبشر الأبرياء في بغداد.
كأحد أفراد الثقافة الغربية، لابد أن تكون متأثراً بالتلقين الديني. بغضّ النظر عن نشأتك ومنبعك، فأنت تعيش ضمن محيط ديني وليس بيدك حيلة سوى شرب مياه هذا المحيط. هذا الكتاب سيساعدك على النظر إلى بعض المناطق التي قد أغفلتها خلال رحلتك. فالدوغما والعادات والشعائر والذنب والمعتقدات الدينية قد تؤثّر عليك بطرق قد لا تدركها.
خلال السنوات الأخيرة بدأت أتنبّه إلى الدور الذي يلعبه الذين بشكل متزايد في المجتمع. إذ يبدو أنّ الدين يقوم بحشر نفسه في المدارس، المحاكم، السلطات التشريعية، السياسات الرئاسية وألواح المدارس المحلية، صارفاً الانتباه والتركيز عن النقاشات العقلانية الجادة التي تبحث أمور ومشكلات العالم الطبيعي، كالثقافة العلمية، التطوير الاقتصادي، استراتيجيات الإغاثة في الكوارث والحروب [4]. خارج حدود الولايات المتحدة، العنف والقسوة التي تمارسها الجماعات المتطرّفة في مختلف أرجاء العالم باسم الدين تثبت لنا أهمية وضرورة دراسة الدين وفهم سلطته وخطورته. فهناك بعض الأشخاص المخيفين جداً ينشرون الكراهية والبغضاء. وكلماتهم التي يبشّرون بها تشبه إلى حدٍ كبير التعبيرات العرقية.
هنا أودّ أن أورد بعض الاقتباسات من بعض القادة المعروفين جيداً:
((أتمنى أن أعيش حتى اليوم الذي _كما في الأيام الأولى لدولتنا_ لن يكون هنا أيّة مدارس عامّة. إذ أنّ الكنائس ستستولي عليها، وستتمّ إدارتها على يد المسيحيين. سيكون يوماً سعيداً بالفعل!!))  [جيري فالويل] [5]
((لن يكون هناك أي سلام عالمي حتى يعطى بيت الرب وكافة أتباعه مكانهم القيادي الحقيقي في القمة))  [بات روبرتسون] [6]
((هدف المسيحيين السياسي بعيد المدى يجب أن يتمثّل في جمع أكبر قدر من السيطرة على الدستور. أمّا أولئك الذين يرفضون الخضوع علناً للأوامر والقيود الأزلية التي سنّها الرب عن طريق الخضوع لكنيسته التي تصون عهده _المعمودية والمناولة المقدّسة_  يجب حرمانهم من حق المواطنة، كما حدث بالضبط في إسرائيل القديمة))  [غاري نورث] [7]
((ما أريده فقط هو أن تجتاحكم موجة من التعصّب. أريد أن تجتاحكم موجة من البغضاء والكراهية. نعم، الكراهية أمر جيد... فهدفنا هو إقامة دولة مسيحية. نحن أمام واجب مقدّس، نحن أمام نداء الرب لفتح دولته المقدّسة على الأرض. نحن لا نريد زمن مساواة. لا نريد تعدّدية))  [راندل تيري] [8]
((نحن _بعون الله_ ندعو كل مسلم مؤمن وغيور على دينه أن ينصاع لشريعة الله التي تأمر بقتل الأمريكان وسبي نسائهم وأموالهم. كما أننا ندعو علماء المسلمين، وقاداتهم، وشبابهم، وجنودهم لشنّ الحملات والغارات على جنود أبليس من الأمريكيين وأعوانهم الشيطانيين، حتى يتعلّم الذين سيأتون من بعدهم الدرس)) [بيان أسامة بن لادن] [9]
كل واحد من الاقتباسات السابقة تحمل علامات وإشارات الكراهية، البغضاء، التعالي والاقتصار. لذا فالهدف الأساسي من هذا الكتاب هو توضيح قوة الدين وسلطته وقدرته الرهيبة على قيادة هذا النوع من طرق التفكير والتصرّف.
قال الفيلسوف الأسترالي جون باسمور إحدى المرات أنّ رجال القواقع يحملون أصدافهم أينما حلّوا وذهبوا، إكسر قواقعهم وسيتساقطون باكين مصدر أمنهم الوحيد والمفقود، وهذا الكتاب هو المحاولة لكسر وتحطيم تلك القواقع الخفية، وكشف الطريقة التي يتدخل فيها الدين بعنجهية في ثقافتنا وعقولنا ، ثمّ يعلّمنا كيف نحيا بدون تلك القيود أو القواقع.

تنبيه للاصطلاح
لقد استخدمت تعبير "اللاديني non-theist" لأشير إليك، أي القارئ. أودّ أن أشمل في تعبيري هذا كافة الفئات: الشكوكيون، المؤمنون، الملحدون، المفكرون الأحرار، الروحانيون، إلى آخر ما هنالك. قد تكون أنت أسقفياً، أو موحّداً، متشككاً، أو غير مؤمن، أو شخصاً روحانياً على الأقل. قد تكون متشدداً، متطرفاً، مؤمناً بالخرافات، أو عضو في طائفة دينية ما. ما تعتبر نفسك لا يهم هنا في شيء. إذا أني سأكتشف معك قوة الدين وسلطته على حياتنا وأقدّم لك نموذجاً جديداً بالكامل لفهم الدين وأثره على سلوكنا وعالمنا.
أخيراً، سأركّز على أسماء أرباب محدّدة مثل: الله، يهوه، زيوس، يسوع. فكلمة "رب" لن تعني شيئاً غير الأسماء السابقة إذا لم ترد في سياق اقتباس معيّن.

بنية الكتاب
ابتداءً بالصورة الكبيرة، سننتقل بعدها إلى الأمور الاجتماعية، السيكولوجية وأخيراً الشخصية. ففي الفصلين الأول والثاني سأفرد التشابهات والتماثلات التي تجمع بين الدين والعالم البيولوجي. في الفصول الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع سأستكشف الجوانب الاجتماعية والسياسية والسيكولوجية للدين، ومن ضمنها مواضيع معيّنة كتقنيات التنويم المغناطيسي التي يمارسها المبشرون على الناس، العامل أو الدور الجنسي، عامل الشعور بالذنب، الأخلاقيات الدينية، الشخصية، والذكاء. في الفصول الثامن والتاسع والعاشر سأتفحّص الأثر الديني على حياتك وعائلتك.
بإمكانك إيجاد أدوات وطرق جديدة لفهم تاريخك الديني أو تربيتك ونشأتك الدينية. أخيراً، الفصلين الحادي والثاني عشر كرّستهما للعلم ومستقبل الدين.
.........................................
الهوامش
[1] تمّ وضع غاليليو تحت الإقامة الجبرية في منزله لبقية سنين حياته، وتمّ قمع أفكار داروين منذ أن تمّ نشرها عام 1859 وما زالت من قبل العديد من الديانات، سلمان رشدي صدرت فتوى بهدر دمه منذ أن كتب روايته (آيات شيطانية) [Macmillan, 2000]، أما ثيو فان كوغ فقد تمّ قتله لأنه أنتج فيلماً قصيراً ينتقد فيه الإسلام.
[2] ريتشارد دوكينز: فيروسات العقل:
Richard Dawkins, Viruses of the Mind (Essay on line) (1991,accessed 20 Nov 2008)
موجودة على الرابط التالي:
http://search.4shared.com/q/1/viruses%20of%20the%20mind
[3] ريتشارد دوكينز: الجين الأناني The Selfish Gene، ريتشارد دوكينز: وهم الإله The God Delusion، ودانييل دينيت: كسر التعويذة: الدين كظاهرة طبيعية Breaking The Spell: Religion as a Natural Phenomenon.
[4] هذه البنود الهامة تمّ استبدالها في المدارس بنسخ دينية تدرّس البدائل عن نظرية التطور، نظرية الخلق والتصميم الذكي، معارضة دراسات الخلايا الجذعية، القادة الدينيين يعلنون أنّ الأعاصير التي ضربت بعض المدن سببها غضب إلهي على تلك المدن كمدينتي أورلاندو أو نيو أورلينز، أمّا جورج بوش من جهته فهو يسمي الحرب على العراق بالصليبية.
[5] الأب جيري فالويل: يمكن إنقاذ أمريكا
America Can be Saved, Rev Jerry Falwell, Sword of the Lord Publishers, 1979_52-53
[6] بات روبرتسون: النطام العالمي الجديد
Pat Robertson: The new world Order, New Ed ed (Thomas Nelson, March 1992)
[7] غاري نورث: الشرك السياسي: أسطورة التعددية السياسية
Gary North: Political Polytheism: The Myth of Pluralism (Institute of Christian Economics, 1989).
كان غاري نورث قد تنبأ بالحرب التي ستدور بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي عام1985. إنه يؤمن بالقوانين المسيحية المطلقة والنهائية, كما أنه عضو في الكنيسة المشيخية في أمريكا.
[8] ورد في صحيفة The New Sentinel (Fort Wayn,IN) 16 Aug 1993 وتيري راندال مؤسّس جمعية "عملية الإنقاذ Operation Rescue". تيري الكاثوليكي، فنعد عدّة مشاجرات عنيفة، تطلّق تيري عام 2000 وهو الآن متزوج مرّةً أخرى وله ثلاثة أطفال. قائمة الذنوب الطويلة التي ارتكبها تيري بحق دينه هائلة، إلا أنها ليست الوحيدة، من بين أولئك المنمقين المنافقين الذين يرتدون عباءة الدين ويرتكبون مختلف أشكال الذنوب.
[9] المسلم الأمريكي: فتوى بن لادن، دعوة للحرب
The Americam Muslim, Bin Laden's Fatwa: A Call  to Harabah.

السبت، 30 أبريل 2011

التكريم في الحياة

يقول الشاعر اليمني أحمد عبد الحمن المعلمي (وهو أديب ودبلوماسي يمني)
إمـنحـونــي شـيـئـاً مــن الـتـقـديــــــــــرِ ....... في حياتي، وليس بعد مصيــري
ومن السخط، السخف أن تحطّوا زهوراً..........فوق قبري، الآن هاتوا زهوري
كــيـــف أشمّـهـــا؟ وكــيـــف أراهـــــا؟..........وأنا فـي التراب تحـت الصخورِ
فـإذا مــتّ، فــاتــركـــوني وشـــأنــــــي..........فـلقـد صــرت ضيـف ربٍ غفورِ
إنّ أقصـــى مـــا يـــرى اليــــوم منـكــم......... أن تكفّــوا عــن مكركم والشـرورِ


الشاعر أحمد عبد الرحمن المعلمي
هذا ما كان يتنمّاه هذا الكاتب اليمني الكبير، ولكن هنا في بلاد العربان يضيع كل صوت يصدح في الخواء لإيقاظنا، وتنطفئ كل شعلة نورٍ تنير لنا درب العقل لتخرجنا من غياهب الظلام الدامس إلى رحاب النور.
ألا أذكركم يا إخوتي وأخواتي بكل النوابغ الذين نسيناهم ولم نوفهم حقوقهم فطواهم الدهر لحين من الزمن حتى يأتي العصر الذي سيكتشفهم ويكتشف كم أنهم كانوا نادرين وعظماء، فلم يحتملهم زمنهم حتى نبذهم. نعم، نبذهم لأنهم كانوا كالحمل الثقيل على هذا الزمن، ولأنّ زمانهم لم يأتِ بعد، وأفكارهم تتناسب لعصر يتقدّمنا بكثير.
ذهبوا هؤلاء وبقينا نحن من دون أن نذكرهم أو نودّهم كما يستحقون. أكاد أسمع أصواتهم يعاتبوننا على هجرهم ونسيانهم، وينبّهوننا بأن نحافظ على الجواهر التي بين أيدينا الآن، وألا نبخسها حقها.
أخشى أننا ظلمناهم ولم نعرف قيمتهم، جلدناهم، نكّلنا بهم، وعقرنا ناقتهم، فأضعناهم وخسرناهم، وحقّت علينا لعنتهم إلى أبد الآبدين، أمّا هم ففي طريقهم إلى حقبة جديدة تستوعبهم وتفهم قيمة أفكارهم.
يقال بأنّ القدماء لم يتركوا شيئاً إلا وقالوا عنه مثلاً، وكان هذا المثل مصيباً في مكانه:
((لن نعرف قيمة الشخص إلا بعد فقدانه))


المفكّر الجزائري الكبير "محمد أركون"

الكاتب والمسرحي "محمد الماغوط"

المفكر والكاتب الكبير "نصر حامد أبو زيد"

الأربعاء، 27 أبريل 2011

ألم

ليست الذبحة القلبية هي التي تؤلمني
أيها الرفيق الطيّب
ولا آلام السجن
وإنما يؤلمني أنّ العمر يمضي
ولا أملك شيئاً أقدّمه لوطني
وللفقراء أهلي
غير ورقٍ أصفر
وتفاحة بلون الدم

27/4/2011

ألا ليتكم تعتبرون!!!

إذا شـئت أن تـحيا سـليماً مـن          الأذى، وحظّك موفورٌ وعَرضك صيّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امرءٍ          فـكلّــك عــــوراتٌ ولـلنـاس ألـــســـنُ
وعـينك إن أبدت إليـك معائباً          فصـنها وقـل: يـا عـين لـلنـاس أعـينُ

سِر إن استطعت في الهواء رويداً       لا اخـتيالاً على رفاة الــعبادِ
خفّف الوطء ما أظنّ أديم الأرض        الأرض إلا من هذه الأجسادِ

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

قصّة جين الحرية

بقلم: أميل إيماني
ترجمة إبراهيم جركس



الرب ((الآن أنا على وشك الانتهاء من عملية صنعك، لكن بقي هناك جين واحد فقط وينتهي الأمر))
الإنسان ((آه، يا إلهي، أنا متحمّسٌ جداً للمضيّ في طريقي))
الرب ((والآن، دعني أقل لك شيئا هاماً، وأريدك أن تستمع جيداً لما سأقوله لك، بما أني أحبك من كل قلبي، فسأمنحك هدية غالية جداً، سأمنحك "الحرية في الاختيار"، لكي تختار هذا المكوّن الأخير... هل تريد جيناً يحدّد خياراتك من تلقاء نفسه ويرشدك خلال حياتك، وأعني جيناً ارتكاسياً، غريزياً. أو تريد جيناً يمكّنك من القيام بخياراتك بنفسك_يعني جين الحرية؟))
الإنسان ((إلهي... بما أنك مطلق اللطف والسماحة، فقد منحتني الحرية لأختار بملء إرادتي في هذه المسألة الحيوية، فهل يمكنني الحصول على جين يمنحني السيطرة المطلقة على إدارة وتسيير شؤوني الخاصة؟ إذا كان ذلك غير ممكن، فسأكتفي بجين الحرية))
الرب ((أرى بأنك قد بدأت بالتخطيط مسبقاً. لا، ى يمكنك الحصول على أي شيء مطلق. فكافة الأمور المطلقة هي من اختصاصي انا وحدي. فجميع مخلوقاتي _ومن ضمنهم أنت_ من الأمور النسبية بالنسبة إليّ))
الإنسان ((بالتأكيد... إلهي... أنا أدرك جيداً أنّ كل ما يتعلّق بك مطلق، لا نهائي، ومثالي. لكن لا ضير في السؤال، أليس كذلك؟))
الرب ((هاه، حقاً لإنك متملّق صفيق. أرى بأني ارتكبت أول خطأ لي بخلقي إياك.)) قالها الرب وهو يهزّ إصبعه في وجه الإنسان الأول.
الإنسان ((سامحني، إلهي. أنا لم يكن قصدي بهذا الشكل الذي فهمته أنت)) يقول الإنسان مستغفراً.
الرب ((أنا أرى أيضاً بأنك تستخدم ملكة الخداع عليّ. لن تنجح يا صاحبي. وتذكّر بأني أرى كل شيء وأعرف كل ما يدور داخل رأسك، وكل ما يجول في خاطرك. فلا تحاول خداعي. أبداً))
الإنسان ((نعم، إلهي. لسبب ما اعتقدت بأنك طالما منحتني إياها، فبإمكاني استخدامها. وإلا، فلماذا أعطيتنيها؟ صحيح؟ لكن، أعتقد أنك على حق. فأنت محقٌ دائماً بلا استثناء. لذلك يجب أن أكون معك مستقيماً وصادقاً.)) يتواضع الإنسان الأول
الرب ((أرى بأن تستخدم إحدى حيلك الأخرى عليّ... أنت تتملّقني!!!)) يقول الرب بصوت ممازح
الإنسان ((لكن ربي، لماذا عليّ أن أصلّي لك وأشكرك على كل شيء؟ فأنت لا أستطيع أن أميّز الفرق بين الصلاة والتملّق، وما الفرق بينهما؟))
الرب ((عرفت منذ البداية بأني سأواجه بعض الإشكالات الأبدية معك، وقد بدأت منذ هذه اللحظة. لكن هذا هو السبب الرئيسي الذي دفعني لخلقك بأية حال. فليس هناك متعة في تسيير كل شيء حسب برنامج ثابت ومقرّر مسبقاً. فأنا بحاجة لبعض الإثارة، قليلاً من الإبداع، وحتى قليلاً من التحدّي في حياتي))
الإنسان ((إلهي، بالنسبة لموضوعنا الأساسي، من المثير أن أكون قادراً على القيام بأغلب خياراتي بحرية. فإذا كان القليل من الإثارة والإبداع والتحدي أمور جيدة بالنسبة لك، فهي بالتأكيد أمر جيد بالنسبة لي. لا أعرف كيف أشكرك على عرضك السخيّ هذا))
الرب ((حسناً، أي شيء جيد بالنسبة لي قد يكون جيداً بالنسبة لك، لكنه ليس مخصّصاً لك. لا تنسى ذلك أبداً. فأنا رب، وحدي من دون غيري. وأنا أصنعك على هيئتي وصورتي. لكني لم أصنع نسخة عني، مثلي. هناك فرق شاسع بين الاثنين. هل تفهم؟)) قال الرب محذّراً
الإنسان ((أفهم جيداً، إلهي. أشكرك...))
الرب ((جين الحرية من أغلى الممتلكات وأثمنها، وسيحاول الكثيرون سلبك إياه بالترغيب أو بالترهيب ليزدادوا هم قوةً وجبروتاً، في حين أنهم سيعملون على تحويلك إلى مجرّد إنسان آلي يسيّرونك حسب مشيئتهم. عليك أخذ الحيطة والاحتراس والحذر منهم، وحماية هذه الهدية الغالية بكلّ ما أوتيت من قوة، حتى ولو كلّفك الأمر حياتك... يا بني كن حذراً من ثلاثة أصناف من البشر: الدّجّالين، الديماغوجيين، والساسة. كما أنه سيظهر من حينٍ لآخر شخص ستجتمع فيه هذه الصفات الثلاثة السابقة))
الإنسان ((إلهي، نعم النصيحة هذه، وأنا ممتنٌ لك لتحذيرك إياي من هؤلاء. لكن أرجو منك إخباري كيف أعرف الادّعاءات الزائفة وأميّز بينها وبين الصحيحة؟))
الرب ((من ثمارهم يتعرفهم)) قال الرب مجيباً
الإنسان ((إلهي!! أنت تعلم بأني ذكي، لكني لست بهذه الدرجة من الذكاء لأفهم معنى هذا التعبير المجازي. أرجو منك أن تأخذني بعطفك وحنانك، وتشرح لي بتفصيل أدق))
الرب ((إذا شرحتُ لك هذا الأمر وفصّلته، فسيكون ذلك خرق واضح وصريح لامتيازات جين الحرية. جلّ ما يمكنني القيام به من أجلك هو إعطاؤك بعض العلامات التي تميّز هؤلاء: أي شخص يدّعي لنفسه امتيزات خاصّة ويزعم بأنّ له مكانة خاصّة عندي، يطلق وعوداً وتهديدات غريبة، يؤلّب الإنسان ضدّ أخيه الإنسان، ويحرّض على سفك الدماء بين البشر، ذلك هو الشخص الذي قصدته. لكنّ الحاقد الأكثر خطورةً بين هؤلاء هو ذاك الذي يزعم بأنه مرسلٌ من عندي))
الإنسان ((إلهي، أشكرك جزيل الشكر، لقد ساعدتني فعلاً))
الرب ((هناك أمر آخر عليك أن تتذكّره جيداً، وهو أنّ الميثاق الذي عقدته معي لا يُلزِمك أنت وحدك، بل أيضاً سلالتك التي سترث الأرض من بعدك. عليّ أن أنبّهك قبل أن تقوم باختيارك الأخير بأنّ الميثاق الذي عقدته معي للتوّ سيكون اسمه "العَهد"، والعهود التي يتم عقدها معي لا يمكن إلغاؤها أو نسيانها))
الإنسان ((أشكرك إلهي، لقد غمرتني بلطفك وإحسانك، ولا أعرف كيف أردّ لك هذا الجميل. من الواضح بأني عاجزٌ تماماً بما أنك مطلق اللطف والإحسان. لكني سأعبدك وأجلّك، وسأصلّي لك صباح مساء، إذا كان ذلك يسعدك إلهي))
الرب ((لا بأس بالصلاة. لكني أعرفك جيداً وأعرف ما يدور في خلدك دائماً، أنا أعرف بأنك ستلجأ للصلاة لتتملّقني وتطلب مني لكي أحقق لك حاجات ومطالب لا تخطر على بال. لكن لا تتوقع شيئاً مني. فما أن تقدم على خيارك وتصبح وحيداً، عليك أن تتعلّم كيف تعتمد على نفسك. لا تنسى ذلك أبدا.))
الإنسان ((نعم إلهي، أنا وجيع أحفادي من بعدي سنكون ممتنين عطفك وكرمك إلى الأبد، ولأنك سمحت لنا بأن نكون أسياد أنفسنا، وصنّاعاً أحرار لمصيرنا الخاص. بدل أن نكون مثل بعض أقربائنا مكتسي الشعر الذين ما زالوا يمشون على أربعة قوائم ويتسلّقون الأشجار))
لم تكن التفاحة المحرّمة هي التي أنزلت الإنسان من السماء إلى الأرض، بل كان قراره الأخرق لاختيار هذا الجين الذي يمنحه قوة لا مثيل لها للقيام بالخيارات الحرة، لكنه نسي أن يطلب من الرب أن يعطيه جين الحكمة ليرشده عندما يكون أمام عدّة خيارات. ومن هنا، فالعديد من الخيارات المبنية على الحقد والجشع والغباء التي تمّ اتخاذها على مرّ التاريخ  جلبت كافة أنواع المآسي والآلام للإنسان. لذلك تزايدت النداءات والصلوات إلى الرب ليرفع عنهم هذا البلاء الذي ابتلوا به منذ عهد جدهم الأول.
لكن هل من مجيب؟؟!!!!!!

جلاوزة الفتنة في سوريا....

لن تصبح سوريا أمارة إسلامية يا أولاد الــ....
بعد أن صدر البيان الأول من بيانات الجماعة السلفية الجهادية، مرقماً بالعدد /1/، فهل علينا أن نتوقع بأن يكون هناك عدّة بيانات، هذه المرة كان البيان يحمل أسماء بعض الأسر في منطقة جبلة والتي "أحلّت" الجماعة قتل أفرادها "شرعاً كما ورد في نصّ البيان.

في هذا البيان بالذات وردت فتوة بقتل عدد من الناس الأبرياء وأسرهم وأطفالهم، وهذه هي الفتوى الأولى....
ما تخبئ لنا البيانات التالية؟؟؟ أسماء أناس آخرين في محافظات أخرى، أجندات وفتاوى أخرى تحلّل التخريب وتستبيح دماء البشر؟؟؟ مانيفيستو جهادي جديد؟؟؟ معالم الأمارة الإسلامية التي يحلمون بها؟؟؟؟
تطبيق الشريعة الإسلامية والحدود في سوريا من رجم الزناة وقطع أيدي السارقين مراقبة ضمائر الناس... فرض الحجاب أو النقاب على النساء، إجبار الشباب على إطلاق اللحى... إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات وفتح دور تعليم القرآن ومعاهد الفقه والشريعة!!! هل يبغون من ذلك إلغاء العيادات والمشافي العامّة طرق الطب الحديثة في العلاج، وتبنّي الطرق السلفية القديمة كالعلاج ببول الإبل والحبة الوداء والرقيات الشرعية!!
أحد المعلّقين وصفهم بالجماعة السلفية الجاهلية، وأقول له هنا أنّ وصفهم بالجاهلية كبير عليهم جداً، فتسمية الجاهلية أطلقت على المرحلة التي سبقت ظهور الإسلام. وأنا شخصياً أرفض هذه التسمية من جذورها، لأنّ تلك الفترة كانت تمتاز ببروز العديد من الشعراء والدهاة والمتنبئين، وكانت فترة الشيم والعادات والتقاليد العربية الأصيلة والنبيلة. لذلك اسمحوا لي أن أسقط عنهم تسمية السلفية "الجاهلية" وأقول "التخلّفية، التحنّطية، البربرية".

سدنة الهيكل في سباق محموم...
من المثير للانتباه واللافت للاهتمام مشاهدة سدنة هياكل الوهم وهم يتسابقون كالكلاب المسعورة للنيل من سوريا وأمنها، وأركّز هنا على كلمة "أمنها" بصفة سوريا من البلدان الأكثر أمناً وأماناً في العالم.

يوسف القرضاوي الذي يتفاخر بصورته بين عدد من الحاخامات اليهود [الصهاينة] يقف معتزّاً بنفسه وهو يبايع على القضية الفلسطينية، ويتباكى من على منبره يوم الجمعة على "الشهداء" الذين يسقطون في سوريا  متناسياً الشهداء في البحرين الجوامع التي تمّ هدمها للشيعة، واليمن وليبيا ومصر، والشهداء الذين يتساقطون بشكل يومي في العراق وفلسطين.

جلاوزة الفتنة في سوريا

تبّت أيديكم على ما فعلتم....
لا ننسى أبدا موقف الجمعية العالمية لعلماء المسلمين [والأفضل تسميتها بجمعية العملاء المعاقين] وموقفها وبياناتها وإداناتها "للممارسات القمعية التي تجري في سوريا" متناسين دور القرضاوي والإخوان المسلمين، والدور الأمريكي والإسرائيلي _بعد اعتراف الأخيرين بتمويلهما للثورات في البلاد العربية والعاملين بالإنترنت_ ودور شيوخ الفتنة في بلدنا أمثال أنس عيروط وعبد السلام الخليلي.
هذا المجرم هو أنس عيروط البانياسي الذي أباح قتل أفراد الجيش وعناصر الأمن من دون أن يرفّ له جفن، دماء هؤلاء الذين سقطوا في سوريا هم في رقبتك، ودماؤهم لن تجفّ عن يديك بعد... ستدفع الثمن... وستتحمل أنت نسؤولية الجريمة التي ارتكبت بحق المواطن "نضال جنّود"... تلك الجريمة التي قسمت ظهورنا كلنا نحن السوريون.

هؤلاء هم المتظاهرون السلميون الذين يريدون الحرية، ونادوا باسمها في المظاهرات
(( سلمية... سلمية..... حرية... حرية...))

أراهن بأنهم كانوا ينادون ويصرخون ((الله أكبر، الله أكبر... لا إله إلا الله)) عندما قاموا بذبحه، هذا ما يحدث عندما تتحول سوريا إلى أمارة إسلامية.
نعم سقطت المظاهرات السلمية وتحوّلت إلى شعارات طائفية تحرّض على الفتنة
((العلوي للتابوت... والمسيحي لبيروت)) نعم قالوها، وبالفم الملآن....
وخير دليل على ذلك الفتوى التي تقيأها شيخ درعا "عبد السلام الخليلي" من على منبره حلّل فيها دماء الجيش والأمن، وتكلّم بالسوء عن أحفاد سلطان باشا الأطرش، المجتمع الذي يمثل أرقى شرائح المجتمع السوري.

يريدون أمارة إسلامية في سوريا كي يستبيحوا فيها دماء الشعب، ويعودوا بالمجتمع السوري عدّة قرون إلى الوراء بعد ما حققه من تطور وتحضّر وإنجازات حتى الوقت الحالي. لم.... ولن ينجحوا... لأننا نحن السوريون لن نسمح بذلك.
وسنقف في وجه مخططهم هذا حتى الموت.
//سوري//

الاثنين، 25 أبريل 2011

قريضة... يا قرضاوي 2 (تتمّة)

إبراهيم جركس

وانظروا إلى من يتحدّث عن التغيير ((هذا زمن التغيير... ومن لا يتغيّر يداس بالأقدام... هذه الأنظمة استعبدت الناس، فكيف ينتجون ويعملون؟...)) [انتهى]
إذا كان هناك أحد يقف ضدّ التغيير فهو أنت وشلّة العلماء المتخلّفين الذين ترأسهم؟ والله لو كان الجمود والتخلّف رجلاً لكان القرضاوي نفسه!!! فما التعصّب والسلفية المحنّطة التي تمثّلها أنت وعصابتك سوى بركة من المياه الآسنة التي لم تتحرّك منذ قرون.
ويتحدّث القرضاوي عن القمع والاستبداد والاضطهاد ((إنّ الدول الإسلامية حالياً متخلّفة بسبب القمع والاضطهاد... هم اخترعوا الكومبيوتر ونحن نبحث له عن اسم، لا نريد من يرتجف أمام الزعماء... في عصر الثورات، ويجب أن يعترف الجميع بذلك)) [انتهى]
أنتم الذين تقمعون لناس وتضطهدونهم، وأنتم الذين طالما داهنتم وارتجفتم أمام السلاطين والزعماء، وتاريخكم أنتم يا سدنة الهيكل مليء بالأمثلة على ذلك. أمّا نحن الشعب السوري فلا نرتجف، نحن نختار بملْ إرادتنا، وقد اخترنا. ولا يمكن لأحدٍ أن يأخذ علينا مأخذاً لأنّ الذي حدث عندنا، حدث في الهند أيضاً عندما اختاروا بملء إرادتهم أنديرا وراجيف غاندي، وفي الباكستان عندما اختار الشعب لنفسه بنازير بوتو ابنة الرئيس المخلوع ذو الفقار علي بوتو، ونحن اخترنا الرئيس بشار الأرسد ابن الرئيس الراحل حافظ الأسد.
 يقول القرضاوي في ختام مقابلته رداً على مفتي سوريا بأنه وصفه بخطيب الفتنة ((أنا لا أهتمّ بالحياة، بينما آخرون يبتغون رضا البشر وليس رضا الله، إذا كان هؤلاء هم خطباء الفتنة، فأللهم أمتني معهم واحشرني معهم)) [انتهى]
إذا كنت لا تهتم بالحياة فلماذا تجلس في بلاد البترو-دولار، تتنعّم في معيشتك هناك، يشتري كلمتك من يريد، الذي لا تهمه دنياه لا يخاف من قول الحق، ويقول ما له وما عليه، ولا يداهن أو يتملّق ثم يطعن بخناجره المسمومة.
أنت ترى أنّ ابن تيمية والمودودي وسيد قطب ليسوا من خطباء الفتنة؟!!، وما الغريب في أن يرى التلميذ الصالح مثلاً جيداً في أستاذه الفالح؟!!! وقد تفوّق التلميذ على أستاذه. وتريد من الله أن يميتك معهم ويحشرك معهم جنة الخلد مع الحور العين، للأسف أيها الشيخ أنت الذي سيداس تحت الأقدام، أنت وحاخاماتك وتلاميذك من أمثال ابن لادن والظواهر الزرقاوي وأنس عيروط البانياسي، وسيحشركم التاريخ في مزبلته. اللهم لا ترد له طلبه هذا، وامنحه المكانة التي يريدها واحشره وإخوانه في الـبارن يارد وعجّل حشره، أنت لا تضيع أجراً وأنت السميع البصير.
أخيراً لم تبقى لديّ سوى كلمة واحدة لك أيها الشيخ المجاهد الثائر:
((قريضة تقرضك يا قرضاوي))
21/4/2011

الأحد، 24 أبريل 2011

قريضة... يا قرضاوي 1

قريضة... يا قرضاوي
إبراهيم جركس

القريضة معناها الحادثة التي تزيل أي شيء من الوجود، وهي لفظة عامية جاءت من الفعل "انقرض" أي اختفى عن وجه الأرض واندثر، وجاءت هذه الكلمة [قريضة] ضمن قالب الأمثال الشعبية الدارجة: فعندما يغضب أحد ما من شخص معيّن أو يمتعض منه قد يقول له ((قريضة تقرضك)) أي أتمنى أن تزول عن وجه الأرض وتنقرض.
ويخضرني هنا وبمناسبة الحديث عن القريضة أن أتناول القرضاوي وعملته السوده بعد أن كشّر عن أنيابه وبان وكأنه ابن الشيطان غير الشرعي، بدل أن يكون رمزاً من الرموز الدينية التي تدعو للمحبّة والتعاون وضبط النفس والاعتصام بحبل الله مخافة الفرقة والفتنة.
القرضاوي الذي يعادي الغرب والحضارة الغربية في خطبه ومحاضراته وبرنامجه الذي يبثّ على قناة بلاد الذهب الأسود والتي قبض عليها بالورق الأخضر، نراه يرسل أولاده لينهلوا من علوم الغرب وقيمه وحضارته.
القرضاوي الذي يحرّم الموسيقى وينكر كونها الغذاء الأساسي للروح البشرية والتي تهدئ النفس والمشاعر، وينصح العباد للاستماع بدلاً منها إلى التلاوة، نراه يغني في مجلس وكأنه مجلس للطرب ولا ينقصه سوى بعض الحجّيّات والراقصات ليرقصن أمامه.
القرضاوي الذي مدح هتلر وعمائله السوده ومعاداته للسامية.
القرضاوي الذي زار سوريا منذ فترة ليست ببعيدة واستقبل خير استقبال وكرّم على يد رئيسها، حتى أنّ القرضاوي باركه ودعا للدولة السورية بأن يعمّ فيها الأمن والرفاه. نراه اليوم يشهر خنجره ليغمده في ظهر الإنسان السوري ويتباكى عليه من على منبره يوم الجمعة الفائت، وهو القاتل الذي مشى في جنازة ضحيته.
والأنكى من ذلك، أنّ الاتحاد العالمي للعملاء المعاقين الذي يترأّسه القرضاوي نفسه، أخذ يصدر البيانات بياناً بطيـ... بيان، ويطلب من الرؤساء اتقاء الله في شعوبهم _كما فعل شيخ الأزهر_ وكأنّ تاريخهم يخلو من الفتاوى والعظات التي تدعو للقتل وإشعال الفتن، وتأليب السلاطين على شعوبهم.
لا أريد هنا أن أتحدّث عن خطبة القرضاوي الرعناء التي بصق فيها سمّه وقيئه محاولاً النيل من سوريا ورئيسها، وإشعال فتنة طائفية مذهبية بين أبناء شعبها. فهذا الكلام أصبح قديماً ومعروفاً حقّ المعرفة، ومهما حاول تبييضه وتنصيعه فيما بعد، فلن يشفع له شيء لدينا نحن أبناء الشعب السوري الأبيّ.
لقد رفع الشعب دعوى ضدّه ، وسنصرّ على محاكمته وملاحقته قضائياً بسبب سمومه التي حاول وما زال مصرّاً على محاولته هذه حتى الوقت الراهن. فقد أورد موقعه الإلكتروني جوابه عندما سأله المحاور عن موقفه من الدعوى المرفوعة ضدّه في سوريا فقال: ((إنّ الذين رفعوا دعوةً عليّ يريدون أن يخوّوفني، لن أخاف وسأظلّ أقول الحق... يقاضونني للمسّ بهيبة الدولة، الدولة التي تمسّ هيبتها كلمة ليست دولة، وهي أوهن من بيت العنكبوت)) [انتهى]
عن أي حقّ تتحدّث أيها القرضاوي، فأنت لم تقل شيئاً حتى الآن شيئاً يجاري الحق ولو بكلمة، ما تلفّظت به حتى الآن ليس اكثر من مجرّد قمامة وأكاذيب ملفّقة تريد منها إشعال الفتنة _التي تعرف أنت جيداً أنها أشدّ من القتل_ بين أبناء شعبٍ مسالم آمن. وكافة الأرواح التي أزهقت حتى الآن في بلدنا الحبيب أنت تتحمّل مسؤوليتها وكلّ من ساهم في إشعال هذه الفتنة.
ثمّ تتحدّث عن الدولة التي تمسّ هيبتها كلمة وتقول بأنها ليست دولة، وأنها أوهن من بيت العنكبوت، وأنا أسألك هنا: ألم يشعر النبي بأذى عندما تكلّم عنه رجلٌ بالسوء وقال لأتباعه أنّ هناك رجلاً يؤذي الله ورسوله، فمن منكم يأتيني برأسه؟ هل عندك شكٌ بأنّ محمداً ليس رسولاً وأنّ إلهه أوهن من بيت العنكبوت، إذا كان كلام ذاك الرجل يؤذي "الله ورسوله"؟؟!!!!
هذه حجّتك أنت...
يتبع......

الخميس، 21 أبريل 2011

نقد: الفكر الحر في العالم الإسلامي ونظرية صراع الحضارات 2

انتهت الأفكار والآراء التقدمية الحرة إلى نهاية مسدودة في العالم الإسلامي بسبب أساليب القمع والعنف التي سادت تلك الفترة. وعندما أبدت القوى الكولونيالية بعض التسامح والشفافية، ولفترة وجيزة، في العالم الإسلامي، ظهر بعض المفكّرين الأحرار على الساحة. وبعد انسحاب تلك القوى الكولونيالية، سار العالم الإسلامي مرةً أخرى نحو التطرّف والأرثوذوكسية والتعصب الديني، وبشكل خاص بعد الانفجار البترولي في فترة السبعينات
من القرن الماضي. حيث تمت معاملته مفكّريه التقدميين الأحرار _الذين من المفترض أنهم مولّدو الأفكار التقدمية التي تسير بالمجتمع إلى التطور والازدهار والحضارة_ بقسوة وغلظة ووحشية منقطعة النظير من قبل السلطات  الدينية التي عاملتهم كما تعامل العصابات والمجرمين.
طالما أنّ حالة عدم التسامح وقمع الأفكار المبدعة ما زالت
موجودة في العالم الإسلامي، فمن غير المرجّح أن ينتقل هذا العالم من الحالة الاستاتيكية الساكنة التي علق فيها ليتطوّر إلى مرحلة أكثر تقدّماً من كافة النواحي الروحية والمادية. التغيير غير محتمل في المستقبل القريب، إلا أنّ هناك بارقة أمل دوماً, فبعض المسلمين أو أحفاد المسلمين الذين طردوا من بلادهم _واستقبلهم الغرب الليبرالي واحتضنهم_ باتوا الآن يظهرون ملكاتهم وقدراتهم النقدية. فالمسلمون "المرتدّين" كابن الورّاق في كتابه الذي هزّ العالم الإسلامي "لماذا لستُ مسلماً"، وكتاب آيان حرسي علي الكاتبة الصومالية، تصدّرت كتبهما قائمة أكثر الكتب مبيعاً في العالم. الشيء الأهم هو أنهما يشيران بأصابعهما إلى الطبيعة الجامدة للدين الإسلامي، الذي يجب وضعه تحت دائرة النقد العلمي والعَلماني كما حدث بغيره من الديانات والمذاهب الأخرى.
يشير صموئيل هنتنغتون في كتابه ((صراع الحضارات The Clash of civilizations)) إلى حالة موجودة من الصراع القائم الذي تدور رحاه في الوقت الحالي بين الإسلام وباقي البشر. هذا الصراع قائم منذ الظهور الأول للإسلام وما زال في الوقت الحالي، وسيستمرّ لعدّة عقود. فالتاريخ الإسلامي _وبالتحديد حتى الفترة التي بدأت فيها التدخّلات الاستعمارية الأوروبية في كافة أقطار العالم الإسلامي_ ما هو إلا ملحمة دموية طويلة من الصراع والصدام المستمر بين المسلمين والكفّار. وقد راح ضحيتها مئات الملايين من الأرواح في العالم العربي وفي آسيا وإفريقيا وحتى أوروبا. حتى الولايات المتحدة لم تعد قصيّة وبعيدة عن تأثيرات هذا الصراع. والآن دارت رحى هذه الحرب مرة ثانية.
منذ وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 9/11، وبغضّ النظر عن من قام بها، وقع ما لايقل عن 12800 عمل إرهابي أو أعمال عنف استلهمها الإسلاميون كأفراد وجماعات إسلامية في كافة أرجاء العالم، وبعض تلك الأعمال كانت موجّهة ضدّ أهداف غربية، أمّا القسم الآخر من تلك الأعمال فقد تمّ توجيهه ضدّ أهداف شرقية، وحتى إسلامية من دون تمييز. وفي حين أنّ هذه الحرب تستنزف آلاف الأرواح سنوياً، فهناك ملايين الأرواح المعرّضة للخطر في المستقبل القريب. الإسلاميون هم الذين يغذّون لهيب هذه الحرب الجديدة باستمرار ضدّ جيرانهم من غير المسلمين في باقي أنحاء العالم، وهم وحدهم الذين يملكون الحلّ لوضع حدّ لهذه الحرب العشوائية. ولا يمكن لأي شيء أن يدرأ خطر هذا الاحتمال المريع سوى تجفيف منابع الإرهاب وتفكيك مفاهيم وأفكار كثيرة يعتمد عليها السلفيون والإرهابيون كمصادر ذرائعية لتبرير قيامهم بالأعمال الإرهابية الوحشية تحت اسم "الجهاد".
على هامش الحديث عن هذه الحرب الحضارية نقرأ خبراً ورد في الصحف عن جماعة إسلامية تسمي نفسها "مسلمون ضدّ الحملات الصليبية" تخطّط لاستهداف زفاف الأمير وليام، وأرسلت له تهديدات بأنها ستحوّل الزفاف الملكي إلى كابوس ما لم ينسحب هو وخطيبته من الخدمة في الجيش البريطاني*.
 المشكلة هنا ليست في زفاف الأمير أو كونه وخطيبته يخدمان في الجيش البريطاني، وكأنّ الأمير يملك بيديه زمام الجيش، بل المشكلة هي أنّ ما شأن هؤلاء المحاربين الأشاوس ضدّ الحملات الصليبية والزفاف الصليبي للأمير، إذا كانوا يبتغون الجهاد في سبيل الله، فالأجدر بهم الذهاب إلى فلسطين المحتلة وتوجيه حملاتهم ضد الصليبيين الذين يقبعون على أراض الإسلام في بيت المقدس!!!!! إلا أني لا أظنّ أنّ أياً منهم يبغى الشهادة وهو يجلس معزّزاً مكرّماً في بريطانيا أو أي دولة أوروبية، ليذهب ويموت في فلسطين، فعند الامتحان يكرّم المرء أو يهان.
في النهاية، لا يمكن الانتصار في هذه الحرب عن طريق القوة العسكرية الغاشمة أو العمليات الإرهابية أو فنون الكرّ والفرّ التي تضطلع في أساليبها الجماعات الإرهابية والسلفية "المجاهدة"، فهذا النزيف البشري الذي يعانيه الإسلام سببه المفاهيم المعشّشة في صلب المنظومة الفكرية المتحنّطة للإسلام، والسياسات الفجّة والغليظة التي يتبعها أتباعه مع باقي أبناء الجنس البشري.
عسى أن تكون الأجيال الجديدة من المفكرين الأحراروالإمكانات التي بين أيديهم ستساعدهم أكثر على لفت الانتباه العالمي لرسالتهم، وتضع حداً لهذا الصراع القديم بين الإسلام وباقي أبناء البشر غير المسلمين. وإلا، فستخسر البشرية خسارة فادحة في هذه الحرب الحضارية.
والمسلمون هم الخاسرين حتماً...

إبراهيم جركس 19/4/2011
* مصدر: موقع سيريا نيوز الإلكتروني 17/4/2011

الثلاثاء، 19 أبريل 2011

نقد: الفكر الحر في العالم الإسلامي ونظرية صراع الحضارات

من الواضح أنّ العالم الإسلامي في حالة مزرية وفي فوضى عارمة. نزاعات سياسية في كل مكان، فساد مستشري، فقر في الحالة الاقتصادية، حالات متفشية من العنف والكراهية، غياب كامل للحريات، عدم وجود الليبرالية وحقوق الإنسان، وهذه هي بعض السمات التي تميّز المجتمعات الإسلامية بشكل صارح. كافة المؤشرات تدلّ على أنّ الأمور ستستمر بالحؤول من السيء إلى الأسوأ خلال العقود التالية.
من بين العوامل المتعدّدة التي تميّز المجتمعات الإسلامية عن غيرها من المجتمعات الأكثر تقدّماً وازدهاراً هي افتقارها للمفكرين الأحرار _وبالتحديد: النقّاد والمصلحين_ القادرين على نقد ومراجعة المفاهيم والقضايا التي تمثّل الإشكاليات العالقة في صلب ثقافاتها المجتمعية، وتحديداً الجذور الدينية الثيولوجية.

المجتمعات الأخرى كانت لها مشاكلها الخاصة بها في الماضي.. إلا أنّ تلك المجتمعات قد أفسحت المجال أمام ظهور مفكرين وعلماء أحرار، فلاسفة ومصلحين مبدعين. إذ أنّ هؤلاء المفكرين والفلاسفة قد مارسوا شتى صنوف النقد والمراجعة الحرة التي لا يقيّدها شيء للدلالة على مواضع العلل والأسباب _ومن ضمنها الأسباب الدينية_ الرئيسية التي تنخر مجتمعاتهم. فالمجتمعات اليهودية مثلاً أفرزت عقولاً لامعة كبندكت دي سبينوزا، كارل ماركس، وألبرت آنشتاين من بين العديد غيرهم. كما أنّ المجتمعات المسيحية قدّمت مفكّرين عظماء أمثال رينيه ديكارت، إيمانويل كانط، ديفيد هيوم، جون ستيوارت مِِل، برتراند رسل وغيرهم الكثيرين. بعض هؤلاء المفكّرين _سبينوزا على سبيل المثال_ قد استفزّ السلطات الدينية، وواجه انتقادات كثيرة، إلا أنّ أفكارهم وآرائهم لم يتمّ خنقها أو كبحها، بل تمّ تناولها بشفافية، ومناقشتها، ولم تتعرّض حياتهم للتهديد والخطر. فقوّة أفكارهم التقدمية والإصلاحية في المجالات الاجتماعية والسياسية لاقت قبولاً عظيماً، وانتصرت في النهاية. وكنتيجة لذلك، تمّ إصلاح تلك المجتمعات، ثمّ علمنتها، فازدهرت وتقدّمت.


لكنّ المجتمعات الإسلامية التي ظهرت فيها كافة أنواع وصنوف الهرطقات والغنوصيات والبدع، لم تفتح الأبواب بشكل جدي لظهور مفكريها ومصلحيها الأحرار وبروزهم، وخصوصاً على مرّ القرون الثمانية الماضية.
لا يمكن لأحدٍ إنكار حقيقة أنّالعالم الإسلامي عرف فترة من الازدهار، فبرز وأظهر تفوّقه فيما يسمى بالعصر الذهبي للإسلام والذي امتد بين فترة (800-1200 للميلاد). ويعود الفضل في ذلك _على الأرجح_ لواقع أنّ العالم الإسلامي وقع في الأيدي الخطأ منذ وفاة مؤسسه محمد (632 للميلاد) وخلفائه الأربعة من بعده. ومن المعروف والواضح للدارس المدقق أنّ حكام بني أمية الإمبرياليين الذين حكموا العالم الإسلامي خلال الفترة ما بين (661-750 للميلاد) كانوا يقومون بعكس ما أمرهم به نبيهم محمد، ومن أعتى المخالفين للتشريعات والتعاليم الإسلامية، باستثناء في الأوقات التي تخدم فيها أغراضهم ومصالحهم الخاصة. فمثلاً، قاموا بتلفيق عشرات ومئات الأحاديث على لسان محمد، وذلك باعتراف من حاخامهم أبا هريرة بأنه قام بتلفيق الأحاديث ثم نقلها فيما بعد عنه تلميذه الحاخام البخاري، كما أنهم اخترعوا فريضة الجهاد وقاموا بتوظيفها لخدمة حروبهم الإمبريالية التوسعية. في حين أنهم بذلوا جهودهم لمنع العناصر غير المسلمة من الدخول في الإسلام، وذلك لكي يتمكنوا من تحصيل أكبر قدر ممكن من الضرائب منهم.
خلال فترة الحكم الأموي، ازدهرت كافة صنوف الأفكار التقدمية وغير التقليدية، باستثناء الهرطقات الدينية كحركة المعتزلة العقلانية، بدون قيود في المجتمعات الإسلامية.
أما خلال العصر العباسي الذي امتدّ خلال الفترة ما بين (750-1250 للميلاد)، فقد رفض العباسيون وأنكروا الطرق والأساليب العربية وتبنوّا سمات الحضارة الفارسية _ويلاحظ أنّ العباسيين قد تبنّوا شخصيات وأعرافاً من هذه الحضارة "الضلالية" كما كانوا يطلقون عليها وما زال إسلاميو اليوم يسمونها_ خلال تلك الفترة كانت الحضارة الفارسية في أوج ازدهارها، وكانت تمتلك تراثاً حضارياً وثقافياً عريقاً سابقاً على الإسلام. ويلاحظ أنّ العباسيين فضّلوا العلوم والفلسفة على المظاهر الدينية، فالخليفة العباسي المأمون (813-833 للميلاد) على سبيل المثال، رفض فكرة قدم القرآن وألوهيته، واعتبره محدثاً وأنه مجرّد عمل بشري أنحزه النبي محمد. واستمرت سياسته هذه حتى عهد المعتصم (توفي 842 للميلاد) والواثق (توفي 847 للميلاد) إلا أنّ الواثق كان يشكّل إحراجاً عظيماً ومؤلماً للمسلمين، فلقّب "بأمير الكفّار".
إنّ ايتعاد الأجيال اللاحقة عن منابع الإسلام الأصلي سمح للإسلام الهجين بدخول عصره الذهبي، بكافة أشكال الهرطقة والبدع والأفكار الجديدة والمختلفة وغير التقليدية. فها نحن نرى أحد كبار العلماء والفلاسفة المسلمين _الرازي (توفي 945 للميلاد) يصف النبي محمد بأنه دجّال، مخادع محتال، ومزيّف, كما أنه يجيب على التحدي الذي جاء في القرآن بأن يقدر الجان والإنس على الإتيان بمثله لو اجتمعوا فقد قال بأنه مزيج من الفبركات العبثية والعبارات والجمل غير المتماسكة. ويقول الرازي عن فلسفة أفلاطون وأرسطو وعلوم إقليدس وهيبوكريتس بأنها تتضمن علماً وحكمةً أعظم مما يحتويه القرآن، وبأنها تقدّم خدمةً وفائدة للبشرية أكثر مما يقدمه القرآن وباقي الكتب المقدسة الأخرى التي لم تجلب للبشر سوى المعاناة والألم والشقاء والشرور.
لكن كل ذلك قد تغيّر بسرعة. في نفس الوقت كانت النزعات الأرثوذوكسية الإسلامية تستجمع قواها، وانتصرت، ثم ازدهرت في العالم الإسلامي بفضل جهود حجّة الإسلام المتطرّف الإمام الغزالي (توفي 1111 للميلاد) الذي أطلق على الفارابي وابن سينا _الفيلسوفان والمفكّران والعالمان العظيمان اللذان لمع نجمهما في سماء القرن الحادي عشر الميلادي وفي كافة أرجاء العالم الإسلامي، ولا زال حتى الآن في مختلف أنحاء العالم الحديث _ صفتي الزندقة والارتداد، واتهم الفلاسفة وممارسي الفلسفة بالزنادقة،وحكم عليهم بالموت، _إلا أنه من حسن حظهما أنهما كانا قد غادرا العالم قبل ذلك_ وتنسب إليه العبارة الشهيرة ((من تمنطق فقد تزندق)) دلالة على محاربته وعدائه للفلسفة والتفكير المنطقي العقلاني، فأضحت الأفكار التقدمية والعقلانية مقموعة ومخنوقة، ممّا أدى إلى تفشي التطرّف والجهل والسلفية في العالم الإسلامي. لقد مات الإسلام في عصره الذهبي واندثر.

أقوال

خصال الجاهل:
يــظـلــم مــــــن خـــالــطــــــــــــــه،
ويتــكـــلــــــــم بغــيـــر تدبّر فــيندم،
فـــإن تـكــلّــــم أثــــــــــــــــــــــــــم،
وإن ســكــــت ســــــــــــــــــــــــــها،
وإن عــرضت لـــه فتنـــةً أردتـــــه،
وإن رأى باب فضيلةٍ أعرض عنها.


إنّ حياتنا ليست شيئاً... وإنها تبلغ ذروة قيمتها لو قُدّمًت من أجل سعادة آلاف غيرنا...
[من رواية: شيء لا يذهب لغسان كنفاني]

حكمة

((((إذا وجدت رجلاً يستحق أن تتحدث معه ولم تخاطبه تكون قد افتقدته،
وإذا وجدت رجلاً لا يستحق أن تتحدّث معه وخاطبته فإنك تكون قد أضعت كلامك سدىً،
والرجل العاقل هو من لا يفتقد رجاله ولا يضيع كلامه سدىً)))
كونفوشيوس

الجمعة، 15 أبريل 2011

فلسفة: السوبرمان هو الإنسان الذي يتجاوز ذاته دائماً


I.j أسرع من الرصاصة! أقوى من القاطرة! قادر على القفز من فوق ناطحة سحاب وبقفزة واحدة!... نعم، إنه السوبرمان. لكن سوبرمان نيتشه لا يناضل من أجل الحقيقة والعدالة والطريقة الأمريكية في تحقيقها. بل إنّ سوبرمان "نيتشه" (المعنى الحرفي لكلمة Ubermensch الألمانية هو "اإنسان الأعلى") هو الإنسان الذي يحارب المثل والقيم والتقاليد العصرية، والذي يتجاوز عيوب الإنسانية ونواقصها. لقد ارتبطت فلسفة تيتشه بكل شيء، بالاشتراكية والفاشية، بالإمبريالية والشيوعية، وحتى بمارلين مونرو.


"السوبرمان" حسب نيتشه، هو الذي بلغ مرحلة من الوجود حيث أنه أضحى منيعاً وحصيناً ضدّ أمور إنسانية مثل: الشفقة، المعاناة، احتمال الضعفاء، غلبة قوة الروح على قوة الجسد، الإيمان بالحياة بعد الموت, وفساد وانهيار القيم الإنسانية العصرية.
الإنسان الأعلى في حالة تغير وصيرورة مستمرة، وفي حالة دائمة من الولادة المتجدّدة والنضج. فهو الذييشرّع قيم الخير والشر، ولا يسمح للدين أو المجتمع بأن يضعاها من أجله. فالإنسان الأعلى يجد سعادته في هذه الأمور، حيث أنه يستخدم العقل المستقلّ بقيمه ومبادئه عن قيم وعادات المجتمع أو الدين. فهو الذي يضع ويحدّد قيمه وأخلاقه الخاصة. وهذه العملية الخلاّقة للقيم تمنحه السعادة المطلقة والشعور بالنشوة العارمة. ولكي يتمكّن الإنسان الأعلى من مستيرة العالم المتغيّر من حوله، فعليه أن يتغيّر وينتقل بشكل دائم من حال إلى حال وبدون انقطاع، وهذه الحالة من التغير الدائم هي المنبع الأساسي والمصدر الرئيسي والدائم للمتعة والسعادة ، بالنسبة إليه، ومن دون أن يكون هناك أي مجال للخوف والمعاناة.


الإنسان الأعلى لا يؤمن بأمور اسمها حياة ما بعد الموت أو سلطة الروح على الجسد لأنه لا يتبع أي دين من الأديان و يقبل بأي دليل علة وجود الله أو إمكانية الوجود بعد الموت, لذلك نراه ينجز الكثير من الأمور خلال حياته، وذلك ليس لأنه ينتظر مكافأة واعدة في فردوس ما، أو عدداً من الحور في جنّةٍ ما، أو عقاب سيناله في جحيم ما على أفعاله التي قام بها خلال حياته على هذه الأرض. فالإنسان الأعلى لا يشعر بالشفقة تجاه الضعفاء، ولا يحتمل مثل هذه المشاعر تجاههم، بل إنه يرى التعاطف الإنساني على أنه من أهم الدلائل على الصعف، لأنه [التعاطف] يساعد الضعيف على تقييد وتقويض سلطة الأقوياء والحدّ من نموّها. يقول نيتشه على لسان نبيّه زرادشت في كتابه الهام "هكذا تكلّم زرادشت": ((أنا أعلّمك الإنسان الأعلى. الإنسان هو الذي يجب تجاوزه [التفوق عليه] دائماً. ما الذي أنت بفاعله حتى الآن لتتفوق عليه؟ فجميع الكائنات حتى الآن خلقت شيئاً مجاوزاً لها، وهل تريد أنت أن تكون الجزر الذي يصيب هذا الفيضان العظيم وتعود إلى حالة الوحوش بدلاً من الإنسان الأعلى؟ ما القرد أمام الإنسان؟ أضحوكة أم إحراج مؤلم... وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان العادي بالنسبة للإنسان الأعلى: أضحوكة!!! إحراج مؤلم..!!))

الخميس، 14 أبريل 2011

حكمة من عند الفراعنة....

يقولون: إن لم تكن تملك قرشاً... فأنت لا تساوي قرشاً!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

لقد وجدوا عشرات الأرطال من الذهب في قبر فرعون مصري... فكم يساوي هذا الفرعون؟؟؟

الأربعاء، 13 أبريل 2011

دعوة للتأمّل: كونفوشيوس الحكيم

ٍ
سأل كونفوشيوس أحد تلامذته: ((هل تعرف الفضائل الست التي قد تعتريها نواقص ست؟)) فأجاب التلميذ بالنفي. فقال كونفوشيوس: ((هاك تلك الفضائل وما يعتريها: حب الإنسانية من دون حب للدراسة ينتج عنه الجهل. وحب العلم من دون حب للدراسة يؤدي إلى الضلال، وعدم التثبّت. وحب الإخلاص من دون حب للدراسة يؤدي بصاحبه لأن يكون ضحية للخداع. وحب الاستقامة من دون حب للدراسة يؤدي إلى الرعونة التي لا حدود لها. وحب الشجاعة بلا حب للدراسة يؤدي إلى التمرد. وحب المثابرة والعزم من دون حب الدراسة ينتهي بصاحبه إلى الخبل أو التعلّق بفكرة متسلطة))