I.j أسرع من الرصاصة! أقوى من القاطرة! قادر على القفز من فوق ناطحة سحاب وبقفزة واحدة!... نعم، إنه السوبرمان. لكن سوبرمان نيتشه لا يناضل من أجل الحقيقة والعدالة والطريقة الأمريكية في تحقيقها. بل إنّ سوبرمان "نيتشه" (المعنى الحرفي لكلمة Ubermensch الألمانية هو "اإنسان الأعلى") هو الإنسان الذي يحارب المثل والقيم والتقاليد العصرية، والذي يتجاوز عيوب الإنسانية ونواقصها. لقد ارتبطت فلسفة تيتشه بكل شيء، بالاشتراكية والفاشية، بالإمبريالية والشيوعية، وحتى بمارلين مونرو.
"السوبرمان" حسب نيتشه، هو الذي بلغ مرحلة من الوجود حيث أنه أضحى منيعاً وحصيناً ضدّ أمور إنسانية مثل: الشفقة، المعاناة، احتمال الضعفاء، غلبة قوة الروح على قوة الجسد، الإيمان بالحياة بعد الموت, وفساد وانهيار القيم الإنسانية العصرية.
الإنسان الأعلى في حالة تغير وصيرورة مستمرة، وفي حالة دائمة من الولادة المتجدّدة والنضج. فهو الذييشرّع قيم الخير والشر، ولا يسمح للدين أو المجتمع بأن يضعاها من أجله. فالإنسان الأعلى يجد سعادته في هذه الأمور، حيث أنه يستخدم العقل المستقلّ بقيمه ومبادئه عن قيم وعادات المجتمع أو الدين. فهو الذي يضع ويحدّد قيمه وأخلاقه الخاصة. وهذه العملية الخلاّقة للقيم تمنحه السعادة المطلقة والشعور بالنشوة العارمة. ولكي يتمكّن الإنسان الأعلى من مستيرة العالم المتغيّر من حوله، فعليه أن يتغيّر وينتقل بشكل دائم من حال إلى حال وبدون انقطاع، وهذه الحالة من التغير الدائم هي المنبع الأساسي والمصدر الرئيسي والدائم للمتعة والسعادة ، بالنسبة إليه، ومن دون أن يكون هناك أي مجال للخوف والمعاناة.
الإنسان الأعلى لا يؤمن بأمور اسمها حياة ما بعد الموت أو سلطة الروح على الجسد لأنه لا يتبع أي دين من الأديان و يقبل بأي دليل علة وجود الله أو إمكانية الوجود بعد الموت, لذلك نراه ينجز الكثير من الأمور خلال حياته، وذلك ليس لأنه ينتظر مكافأة واعدة في فردوس ما، أو عدداً من الحور في جنّةٍ ما، أو عقاب سيناله في جحيم ما على أفعاله التي قام بها خلال حياته على هذه الأرض. فالإنسان الأعلى لا يشعر بالشفقة تجاه الضعفاء، ولا يحتمل مثل هذه المشاعر تجاههم، بل إنه يرى التعاطف الإنساني على أنه من أهم الدلائل على الصعف، لأنه [التعاطف] يساعد الضعيف على تقييد وتقويض سلطة الأقوياء والحدّ من نموّها. يقول نيتشه على لسان نبيّه زرادشت في كتابه الهام "هكذا تكلّم زرادشت": ((أنا أعلّمك الإنسان الأعلى. الإنسان هو الذي يجب تجاوزه [التفوق عليه] دائماً. ما الذي أنت بفاعله حتى الآن لتتفوق عليه؟ فجميع الكائنات حتى الآن خلقت شيئاً مجاوزاً لها، وهل تريد أنت أن تكون الجزر الذي يصيب هذا الفيضان العظيم وتعود إلى حالة الوحوش بدلاً من الإنسان الأعلى؟ ما القرد أمام الإنسان؟ أضحوكة أم إحراج مؤلم... وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان العادي بالنسبة للإنسان الأعلى: أضحوكة!!! إحراج مؤلم..!!))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق